الحمد لله فارج الهمّ وكاشف الغمّ ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . .
إن من أشد أمراض العصر انتشاراً وفتكاً بالأفراد والأمم والمجتمعات . .
داء ( الإكتئاب ). .
- انتحار . .
- تفكك أسري . .
- تردّي اجتماعي . .
- تخلّف سلوكي . .
صيحات وصرخات . .
نداءات مبحوحة . .
أنقذونا . .
مطلقة تنتحب . . !
بنتٌ تشتكي وتندب . .
موظف قلق . .
مديون مهموم . .
و . . و . . . و . . .
وفي نهاية المطاف . .
تنتهي الحياة ..
بطلقة رصاص . .
أو سقوط من أعلى شاهق . .
أو طلاق يفرق بين زوجين . .
أو طرد ونفي . . !!!
بسبب الإكتئاب . . !!
من هنا كانت هذه المحاولة وهذا الجمع ، من أجلنا - نحن - !
حتى لا نكون ضحايا الإكتئاب !!
ما هو الاكتئاب؟
الاكتئاب : مصطلح طبي ( Depression ) يشمل نطاقا واسعا من الاضطرابات النفسية.
في أخف حالاته : يتسبب الاكتئاب في مزاج هابط لا يمنعك من السير في حياتك الطبيعية، لكنه يصعب عليك القيام بالأمور ويجعلها تبدو أقل قيمة.
في أعنف حالاته : فإن الاكتئاب قد يهدد الحياة، وقد يدفعك إلى التفكير في قتل نفسك أو التوقف عن الرغبة في الحياة.
أنواعه :
للاكتئاب نوعان :
1- النفسي (العصابي)
2- والعقلي (الذهاني)
ما هي أعراض الاكتئاب؟
الاكتئاب يؤثر في أناس مختلفين بطرق مختلفة، وقد يتسبب في طيف واسع من الأعراض التي قد تكون عاطفية أو جسدية.
-1الأعراض النفسية العاطفية :
- يشعرون بهبوط الروح المعنوية معظم الوقت .
- يشعرون أنه ليس هناك شيء يفيد .
- يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم وقد يفتقدون الثقة بالنفس .
- يكونون منشغلين بأفكار سلبية .
- يشعرون بالعجز والخواء واليأس .
- يكون لديهم نظرة يائسة ومتشائمة للمستقبل .
- كثيرا ما يعانون من القلق كذلك.
- الشعور بالخوف .
-2 أعراض سلوكية :
- يفكرون في أو يرتكبون أفعال إيذاء النفس أو الانتحار .
- يلومون أنفسهم ويشعرون بالذنب تجاه الأمور بدون ضرورة .
- يجدون من الصعب عليه أن يركزوا أو يتخذوا قرارات .
- يكونون سريعي الانفعال بشكل غير اعتيادي أو يفقدون الصبر .
- اضطرابات في النوم، الاستيقاظ المبكر، الأرق أو كثرة النوم.
- يأكلون أكثر من المعتاد فتزداد أوزانهم أو لا يأكلون جيدا فتنقص أوزانهم .
- لا يتمتعون بالأنشطة المبهجة عادة .
- يعانون من نقص في الرغبة الجنسية .
- يعانون من الضعف في النشاط والطاقة .
- يبتعدون عن الآخرين بدلا من أن يطلبوا منهم المساعدة أو الدعم .
- عدم التركيز في التفكير والاسترخاء .
3-أعراض جسدية من مثل :
:: الصداع .
:: الآم العضلات .
::التعرق .
:: الدوار .
:: الإرهاق والضعف العام .
بعض تلك الأعراض قد تمر على الإنسان العادي في كثير من الأحيان وهذا لا يعني أنه مصاب بالاكتئاب، لأن مجرد ظهور تلك الأعراض لا يكفي بل يجب أن تكون مستمرة ولفترة طويلة حتى يكون التشخيص صحيحا.
أسباب الإكتئاب:
ليس هناك سبب واحد بعينه للاكتئاب، حيث يختلف الوضع من شخص إلى آخر.
ويمكن أن نقسم الأسباب إلى :
- أسباب نفسية عاطفية .
- أسباب سلوكية من ذات الشخص .
- أسباب جسدية .
- أسباب اجتماعية.
1- الأسباب الإجتماعية :
منها :
- ما قد حدث في مرحلة الطفولة قد يكون له أثر بالغ في كيفية إحساسك نحو نفسك الآن.
- الأحداث المأساوية مثل : الاعتداء الجسدي أو الاغتصاب .، وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء.
- الاضطهاد .
- الترهيب في التربيه دون الترغيب ( سددوا وقاربوا ).
- مشاكل الأبوين أمام الأبناء .
- الطلاق الفاشل.
2- الأسباب السلوكية :
منها :
- العجز .
- الكسل .
- كيفية التعامل مع التجارب السيئة .
- كتم التجربة وعدم الفضفضة .
- قلة النوم وكثرة السهر .
- الفشل . ( عدم الإنجاز ).
- شدة الغضب .
- التطلع إلى ما عند الآخرين ( من أصبح والدنيا همه ) ( انظروا في أمور الآخرة إلى من هو فوقكم ).
- العزلة .
- الحزن الشديد ( لعلك باخع نفسك ).
- الحركة وعدم الاستقرار وتباطؤ يلاحظه الآخرون.
- الاهتمام المفرط بملاحظة الناس ( منك وإليك ).
3- الأسباب الجسدية :
منها :
- الغذاء الفقير في محتواه .
- أو فقدان اللياقة البدنية .
- أو الأمراض مثل الانفلونزا.
- الولادة .
- التعاطي المتكرر لبعض المخدارت التي تتعاطى للشعور بالبهجة .
- الغربة .
- عدم التوازن في الموصلات العصبية في الجهاز العصبي.
4-الأسباب النفسية :
منها :
- ضعف الإيمان بالقدر .
- عدم الرضا .
- شدة الخجل .
- تحطيم المعنويات .
- الخوف من المستقبل .
- عدم الجرأة في اتخاذ القرار خشية الآخرين . ( عدم القدرة على قول ' لا ')
- الشك والوسواس .
طرق العلاج .
- من المهم جدا أن تتذكر أنه ليس هناك في الحياة حلول فورية للمشاكل.
- حل المشاكل يستغرق وقتا وطاقة وجهدا.
- في العلاج لا ينبغي أن ننظر إلى العقل والنفس والبدن كوحدات منفصلة بعضها عن الآخر ، بل ينبغي أن ننظر لها كوحدة واحدة .
فلا يمكن معالجة العقل بعيدا عن معالجة - الروح - النفس ، ومن العبث أن نسعى في إصلاح الجسد والروح خاوية خربة .!
لقد توصل الطب الحديث (والحمد لله) إلى علاج أكثر من 80% من حالات الاكتئاب، وهناك أكثر من طريقة لعلاج الاكتئاب، منها أنواع عديدة من الإرشاد والعلاج النفسي، وكذلك أنواع من العلاجات الدوائية، تسمى تلك الأدوية بمضادات الاكتئاب، التي تعمل على تصحيح بعض المواد الكيميائية في مخ الإنسان .
أولاً : العلاج الذاتي .
وهو علاج ذاتي يطبقه من يشكو من مثل هذه الأعراض بإلحاح ، وأنجح ما يكون هذا العلاج حين تكون :
- الإرادة القوية .
- والهمة العالية .
- والعزم والتصميم :
-1تقوية الإيمان والصلة بالله جل وتعالى .
فقوت الروح أرواح المعاني : : : وليس بأن طعمت ولا شربتا
إذا اطمأن القلب اطمأن سائر الجسد ، وحتى يتحقق الإطمئنان لابد من تحقق الإيمان .
إذا الإيمان ضاع فلا أمان : : : ولا دنيا لمن لم يحيي دينه !
جاء في الحديث عند أحمد في المسند : ' إن الإيمان إذا دخل القلب انفسح وانشرح '
وتحقيق الإيمان بالله جل وتعالى .يتحقق بأمور :
- معرفة الله بأسمائه وصفاته . تعلّما وتدبرا وتحقيقا لآثاراها في الأرض .
إن اسم الله ( الصبور ) يورث العبد الصبر .
واسمه ( الحكيم ) يورثه الإطمئنان لأنه يؤمن أن الله حكيم بما يقدره عليه .
واسم الله ( الرحمن الرحيم ) يورثه اللذّة .
واسمه ( المانع المعطي القابض الباسط ) يورثه الرضا والقناعة .
وهكذا حين يتحقق الإيمان الحق بأسمائه جل وتعالى فإن العبد يزول ما يجد في قلبه من الهم والاكتئاب والحزن .
- الصبر والاحتساب .
- الأذكار والتحصينات الشرعية .
- قراءة القرآن .
البعد عن الفواحش والآثام .
- المجاهدة .
-2 الابتسامة .
أثبتت إحدى البحوث العلمية مؤخراً أن الإبتسامة تؤثر على الشرايين التي تغذي المخ بالدم فيزداد تدفق إليه مما يبعث في النفس الهدوء والإحساس بالبهجة والسرور - مجلة الصدّيق العدد 5 / شهر صفر 1423 هـ -
-3التفاؤل .
تفاءلوا بالخير تجدوه !!
وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل .
ومن الفأل :
- الكلمةالطيبة .
- الاسم الحسن .
- حسن الظن بالله .
يذكرون أن أحدهم سقط من الطابق العاشر ، وفي أثناء سقوطه قابله رجل في على شرفة النافذة في الدور الرابع فسأله : كيف أنت ؟!
فأجاب الساقط : لا زلت بخير حتى الآن !!
-4المواجهة وعدم التهرب ( تحمل المسؤوليات (.
كما فعل كعب بن مالك يوم أن تخلّف عن غزوة تبوك .
وكأني به إنما صدق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعرفته بعواقب الكذب الذي من عواقبه : الضيق والنكد والاكتئاب وعدم الاطمئنان .
-5عدم التطلع إلى ما عند الآخرين .
وفي هذا جاءت تربية النبوة : ( انظروا في أمور دنياكم إلى من هو دونكم (
) ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا الآخرة !!(
) يا معشر الأنصار . . لو ذهب الناس بالشاء والبعير لذهبتم برسول الله صلى الله عليه وسلم( .
-6 تغيير الروتين
)السفر - تغيير المنزل - تغيير العمل . . التجديد في الزيارات . . (
سافر ففي الأسفار خمس فوائد *** تفريج هم واكتســــــاب معيشة
وعلمٌ وآدابٌ وصحبة مـــــــــــاجد *** وإن قيل في الأسفار ذلة ومحنة
وتاملوا في ذلك قصة قاتل المائة . . الذي وصّاه العالم بأن يغيّر بيئته ومكانه . . !!
وهكذات نجد أن سنّة تغيير الحال والموطن واردة في أكثر من موطن في السنة النبوية عند الغضب .
- عند الرؤى المنامية المحزنة .
- عند الاستسقاء .
وهكذا نجد أن تغيير الحال في هذه المواطن يؤثر في سلوك المرء وحاله ، ويصرف عنه ما يجد .
-7 هجر العوائد وقطع العلائق .
-8الترفيه المباح .
-9إذا لم تستطع شيئا فدعه .
يذكر أن الأصمعي ، لازم الخليل بن أحمد الفراهيدي ليتعلّم منه العروض ، ومع شدة ملازمته للفراهيدي إلا أنه عجز عن أن يتعلّم العروض . . فأصابه من ذلك اكتئاب شديد . . !!
فكتب إليه الخليل بن أحمد ينصحه ويُسلي عنه ويلاطفه بأدب :
إذا لم تستطع شيئا فدعه : : : وجاوزه إلى ما تستطيع !!
فترك الأصمعي تعلّم العروض وانخرط في اللغة فصار إماما من أئمة اللغة !!
-10الانخراط في أنشطة بدنية جسدية : أظهرت الدراسات أن رياضة الجري تعادل في فاعليتها فاعلية العلاج النفسي في معالجة حالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة.
-11عدم الاسترسال مع الأفكار السلبية . الاكتئاب له صفة واحدة رئيسية وهي أنك يجب أن تكون على حذر عندما تفكر فيما يكمن عمله لهزيمته فالاكتئاب بإمكانه أن يغذي نفسه. بكلمات أخرى، قد تصاب بالاكتئاب ثم تكتئب أكثر لكونك مصابا بالاكتئاب. الأفكار السلبية تصبح أمرا يحدث من تلقاء نفسه ومن العسير عليك أن تقاومها. كونك في حالة من الاكتئاب قد يكون عندها في حد ذاته مشكلة أكبر من الصعوبات التي تسببت في حدوثه في البداية.
-12الخلطة والمجالسة :
أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت مؤخرا في مجلة 'اسينشيالز' البريطانية ان الصداقة تحميك من الاكتئاب .
كما إن الأصدقاء يساعدون أيضا في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب ويعملون على تعزيز نظام المناعة .
فالأصدقاء يشكلون حماية من الإجهاد والاكتئاب .
فخالط من يذكرك بالله ويعينك في ضيقك ويفرح لفرحك ويحزن لحزنك ، جالس كل من يقربك إلى الله لأن القرب من الله يزل الهم والغم والبعد عنه يزيد ذلك .
ويوصي الأطباء النفسانيون في هذا بمخالطة من لهم مشاكل نفسية وتغلبوا عليها : فقد يكون من المفيد أن تلتقي مع آخرين ممن يعانون من الاكتئاب. قد يساعد هذا على إزالة مشاعر الانعزال وفي نفس الوقت تريك كيف تمكن الآخرون من التغلب على مصاعبهم. أن تجد أن بإمكانك أن تساعد الآخرين قد يساعدك أنت أيضا. هذه المجموعات عادة ما يقودها أناس قد تغلبوا على الاكتئاب هم أنفسهم.
وسبحان الله الحكيم الذي جعل الأخوة من أوثق عرى الإيمان !!
ثانياً : العلاج الإجتماعي .
وهو علاج تشترك فيه البيئة المحيطة بالمكتئب من والدين وإخوة ومربين وموجهين ومن أهل الاختصاص وهو يتطلب تجاوباً ذاتيا ممن يعاني من تسلّط هذه الأعراض عليه .
-1الحوار - الاستشارة النفسية - :
مع شخص ما مدرب على فن الاستماع. الأمر الذي يسمح للمريض بالتعبير عن مشاعره .
فالحديث والاستماع من قبل - شخص ما- يظهر التفهم والقبول قد يعين المريض على اكتشاف الأمور التي تزعجه.
المستشار النفسي قد يكون بإمكانه مساعدتك على الوصول إلى فهم أعمق لمشاعرك وأفكارك وسلوكك.
يساعدك على إيجاد طرق للتغلب على المشاكل التي تعاني منها.
إنه يهدف إلى توفير الفرصة لك للعمل على الحياة بطريقة أكثر إشباعا وإنتاجا.
قد تتشجع على النظر بإمعان إلى ماضيك، خصوصا طفولتك وعلاقاتك مع الأشخاص الذين كان لهم تأثير بارز في حياتك.
يساعدك على إدراك المشاكل والتغلب على الصعوبات العاطفية. المُعالج يُمكّنك من إيجاد صلات بين أفكارك وكيف تؤثر أفكارك فيك وفي سلوكك. علاج السلوك العقلي يساعدك على تطوير مهارات عملية تمنكك من استكشاف ماذا يكمن في جذر شعورك وسلوكك.
إنه ينبغي على أهل التربية أن يفتحوا صدورهم لاحتواء مثل هذه المشكلات . . التي تتطلب من المربي صدرا واسعاً وطول بال ومجاهدة على الصبر للوصول بمثل هؤلاء إلى بر الأمان .
إن الإعراض عن السماع ، أو كبت هذه المشاعر والعواطف والأحاسيس في نفس المريض يؤثر سلباً على السلوك ويزيد الأمور تعقيدا .
إن الإعراض عن السماع ومحاورة هؤلاء يزيد في الهوّة بين التربية النظرية والتربية التطبيقية .
أكثر ما يحتاج إليه المصابون بالاكتئاب هو شخص يقوم برعايتهم.
عندما تساعد صديقا أو قريبا فعليك أن لا تلومهم على كونهم مكتئبين أو تخبرهم أن عليهم 'أن يتماسكوا'. ربما أنهم يلومون أنفسهم مسبقا، وانتقادهم هو أمر مرشح لأن يزيد في اكتئابهم.
المديح هو أمر أكثر فعالية من الانتقاد. بإمكانك أن تذكرهم بأنه من الممكن أن يقوموا بأشياء لتحسين موقفهم، لكن عليك أن تقوم بهذا بعناية ولطف ليكون له أثره. من المهم أن تنتبه لحاجاتك الشخصية. إذا كنت تستطيع فحاول أن تشرك في مسئولية الاعتناء بصديقك أو قريبك أقصى عدد ممكن من الأشخاص. حاول أن تجد أشخاصا يمكنك أن تعبر لهم عن مشاعر انزعاجك. قد يكون هناك في منطقتك مجموعة لتقديم الدعم لمن هم في مثل موقفك.
-2 العقاقير .
إنها لا تعالج الاكتئاب، لكنها بلا شك تخفف من الأعراض لتتمكن من القيام بشيء ما للتعامل مع الاكتئاب بنفسك. مضادات الاكتئاب لا تنجح مع كل شخص وتسبب أعراض جانبية غير مرغوبة. عادة ما يستغرق الأمر بين أسبوعين إلى أربعة قبل أن يأخذ الدواء مفعوله. بعض مضادات الاكتئاب قد تكون خطيرة عند استعمالها مع عقاقير أخرى، وقد تعاني من آثار انسحاب العقار عندما تتوقف عن تعاطيها.
ومن المفيد ذكره أن هناك نوعاً معيناً من الأدوية المسماة 'مثبطات المونوأمين أكسيديز' التي يجب أن لا تؤخذ مع أدوية او اطعمة معينة لما قد تسببه من مشاكل صحية خطيرة. لذا عليك ان تكون معلومات عن الدواء الذي تتناوله إما بقراءة النشرة المرفقة او الإتصال بمراكز معلومات الأدوية والسموم.
-3العلاج بالصدمة الكهربائية .
لكن لها آثار سلية على الدماغ والذاكرة.
الاكتئاب القاتل البطئ
الاكتئاب القاتل البطئ
كثير من الناس يعانون من الشعور بالحزن وضيق الصدر وانخفاض الوزن وقلة الشهية للطعام ، مما يؤدي إلى قلة الإنتاج والتركيز واحتقار النفس والحياة لدرجة التفكير في الانتحار أو تمني الموت ، وهذه كلها أعراض لمرض خطير هو الاكتئاب .
قد يصيب الإنسان هذا المرض لأسباب خارجية ، كفقد شيء عزيز سواءً كان شخص أو مال أو منصب أو بسبب تناول بعض الأدوية التي تؤثر على الدماغ وتسبب الاكتئاب ، كذلك التوقف عن شرب الكحول والمخدرات والحبوب المنبهة . وقد يصاب الإنسان به بفعل أسباب داخلية تتمثل في العوامل الوراثية ، فيصاب الشخص وراثيا بالاكتئاب نتيجة وجود هذا المرض في أحد أفراد عائلته ، أو بسبب بعض الأمراض مثل نقص هرمونات الغدة الدرقية أو لأسباب أخرى وهمية يخترعها بعض الناس فتزيد من همومهم وأحزانهم.
ولقد غاب على كثير من الناس أن الله سبحانه وتعالى جعل في القرآن الكريم والسنة النبوية شفاءً لكثير من الأمراض ، كما أن هناك أموراً هي بمثابة العلاج الواقي من هذه الأمراض ومنها الاكتئاب ، وأهم هذه الأمور العقيدة وفهم معناها الصحيح واستيعاب جوانبها التي تتمثل في الإيمان بالقضاء والقدر ، فيعلم الإنسان أن ما أصابه أمر مكتوب لابد منه فلا يحزن بل يشعر بالارتياح والرضا والتسليم لله . أيضاً الإيمان باليوم الآخر فيعلم أن مصير هذه الدنيا إلى الزوال فليس المهم ما خسره فيها بل الأهم هو ما بعدها من حساب وعقاب فيقوى الإيمان وتشتد العزيمة ويهون وقع المصائب . كذلك الإيمان بأسماء الله وفهم معاني صفاته والإيمان بها وتطبيقها على ما يحدث للإنسان من أحداث ، فعندما يتيقن الإنسان بأن الله حكيم وأن ما يصيبه من البلاء إنما هو لحكمة أرادها الله ، فيرضى ويعلم أن الخير فيما يقدره الله سبحانه وتعالى .
وأكثر ما يهون على المسلم من شدة المصائب أنها ابتلاء من الله ودليل على محبته وأنها سبب لتكفير الذنوب كما أنها سبب في التوجه إلى الله بالدعاء وأنها دليل على قوة الإيمان وفي الصبر عليها الأجر العظيم ، كما قد يكون في حصول هذه المصيبة خير أراده الله ، فعندما يفهم المسلم المصائب على هذا النحو تكون أفضل علاج للاكتئاب الحاصل بسببها ، أو وقاية من حصوله لمن حلت عليه مصيبة .
وفي تقوى الله وطاعته خير وقاية للاكتئاب ، فقد قال سبحانه وتعالى ' من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم بأحسن ما كانوا يعملون ' ، ففي تقوى الله السعادة الحقيقية : سعادة الدنيا والآخرة .
ولا يخفى علينا أيضاً ما للدعاء والتسبيح من الفضل في الوقاية من الاكتئاب كالدعاء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ' اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ' . والأدعية العلاجية كما ورد منها عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : ' اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ' ، والتسبيح كدعاء يونس عليه السلام ' لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ' .
كذلك يجب على العاقل تقديم أسوأ الاحتمالات للمصيبة ، فيكتشف أنه كان من الممكن أن يحصل له الأسوأ ، فيخف عنه الهم والحزن ، وكذلك أن ينظر إلى من هم أعظم منه مصيبة فتهون عليه مصيبته ويحمد الله أنه لم يصل إلى حالهم .
وهناك بعض الناس من يسيء النظر إلى حقيقة الدنيا بأمور خيالية لا تتماشى مع طبيعة الحياة المتقلبة ، فبمجرد أن يتعرض لأول مصيبة أو خلل في شروطه التي وضعها لحياته المثالية ، يصيبه الحزن والهم العظيمين ، ولهذا نقول إن النظرة إلى الحياة بواقعية والبعد عن نظرة الكمال في الحياة سبب لراحة البال وتقبل الأمور برضا وتسليم يحمي من الاكتئاب .
كما ينبغي أيضاً تقديم حسن الظن بالآخرين ، فما أن يتعرض بعض الناس لأي موقف من أي شخص حتى يسيء الظن بصاحبه ويذهب إلى تفسير الأمور كما يشاء فيصيبه الضيق والهم ، ولو أنه أحسن الظن به ووجد له المبررات لموقفه لارتاح من هذا الضيق الذي يؤدي بصاحبه إلى الاكتئاب . فعلى الإنسان إذا تعرض لإيذاء من الآخرين أن يتجاهلهم ويعلم أنهم لا يضرونه بل يضرون أنفسهم وأن يحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى .
وآخر علاج للاكتئاب هو الأمل الذي ينير طريق الحياة ويشرح الصدر ، وليعلم الإنسان أنه كلما اشتدت المصائب وزادت ، كان الفرج من العلي القدير أقرب فقد وعدنا ، سبحانه وتعالى بذلك في قوله : ' سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً ' .
إن من أشد أمراض العصر انتشاراً وفتكاً بالأفراد والأمم والمجتمعات . .
داء ( الإكتئاب ). .
- انتحار . .
- تفكك أسري . .
- تردّي اجتماعي . .
- تخلّف سلوكي . .
صيحات وصرخات . .
نداءات مبحوحة . .
أنقذونا . .
مطلقة تنتحب . . !
بنتٌ تشتكي وتندب . .
موظف قلق . .
مديون مهموم . .
و . . و . . . و . . .
وفي نهاية المطاف . .
تنتهي الحياة ..
بطلقة رصاص . .
أو سقوط من أعلى شاهق . .
أو طلاق يفرق بين زوجين . .
أو طرد ونفي . . !!!
بسبب الإكتئاب . . !!
من هنا كانت هذه المحاولة وهذا الجمع ، من أجلنا - نحن - !
حتى لا نكون ضحايا الإكتئاب !!
ما هو الاكتئاب؟
الاكتئاب : مصطلح طبي ( Depression ) يشمل نطاقا واسعا من الاضطرابات النفسية.
في أخف حالاته : يتسبب الاكتئاب في مزاج هابط لا يمنعك من السير في حياتك الطبيعية، لكنه يصعب عليك القيام بالأمور ويجعلها تبدو أقل قيمة.
في أعنف حالاته : فإن الاكتئاب قد يهدد الحياة، وقد يدفعك إلى التفكير في قتل نفسك أو التوقف عن الرغبة في الحياة.
أنواعه :
للاكتئاب نوعان :
1- النفسي (العصابي)
2- والعقلي (الذهاني)
ما هي أعراض الاكتئاب؟
الاكتئاب يؤثر في أناس مختلفين بطرق مختلفة، وقد يتسبب في طيف واسع من الأعراض التي قد تكون عاطفية أو جسدية.
-1الأعراض النفسية العاطفية :
- يشعرون بهبوط الروح المعنوية معظم الوقت .
- يشعرون أنه ليس هناك شيء يفيد .
- يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم وقد يفتقدون الثقة بالنفس .
- يكونون منشغلين بأفكار سلبية .
- يشعرون بالعجز والخواء واليأس .
- يكون لديهم نظرة يائسة ومتشائمة للمستقبل .
- كثيرا ما يعانون من القلق كذلك.
- الشعور بالخوف .
-2 أعراض سلوكية :
- يفكرون في أو يرتكبون أفعال إيذاء النفس أو الانتحار .
- يلومون أنفسهم ويشعرون بالذنب تجاه الأمور بدون ضرورة .
- يجدون من الصعب عليه أن يركزوا أو يتخذوا قرارات .
- يكونون سريعي الانفعال بشكل غير اعتيادي أو يفقدون الصبر .
- اضطرابات في النوم، الاستيقاظ المبكر، الأرق أو كثرة النوم.
- يأكلون أكثر من المعتاد فتزداد أوزانهم أو لا يأكلون جيدا فتنقص أوزانهم .
- لا يتمتعون بالأنشطة المبهجة عادة .
- يعانون من نقص في الرغبة الجنسية .
- يعانون من الضعف في النشاط والطاقة .
- يبتعدون عن الآخرين بدلا من أن يطلبوا منهم المساعدة أو الدعم .
- عدم التركيز في التفكير والاسترخاء .
3-أعراض جسدية من مثل :
:: الصداع .
:: الآم العضلات .
::التعرق .
:: الدوار .
:: الإرهاق والضعف العام .
بعض تلك الأعراض قد تمر على الإنسان العادي في كثير من الأحيان وهذا لا يعني أنه مصاب بالاكتئاب، لأن مجرد ظهور تلك الأعراض لا يكفي بل يجب أن تكون مستمرة ولفترة طويلة حتى يكون التشخيص صحيحا.
أسباب الإكتئاب:
ليس هناك سبب واحد بعينه للاكتئاب، حيث يختلف الوضع من شخص إلى آخر.
ويمكن أن نقسم الأسباب إلى :
- أسباب نفسية عاطفية .
- أسباب سلوكية من ذات الشخص .
- أسباب جسدية .
- أسباب اجتماعية.
1- الأسباب الإجتماعية :
منها :
- ما قد حدث في مرحلة الطفولة قد يكون له أثر بالغ في كيفية إحساسك نحو نفسك الآن.
- الأحداث المأساوية مثل : الاعتداء الجسدي أو الاغتصاب .، وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء.
- الاضطهاد .
- الترهيب في التربيه دون الترغيب ( سددوا وقاربوا ).
- مشاكل الأبوين أمام الأبناء .
- الطلاق الفاشل.
2- الأسباب السلوكية :
منها :
- العجز .
- الكسل .
- كيفية التعامل مع التجارب السيئة .
- كتم التجربة وعدم الفضفضة .
- قلة النوم وكثرة السهر .
- الفشل . ( عدم الإنجاز ).
- شدة الغضب .
- التطلع إلى ما عند الآخرين ( من أصبح والدنيا همه ) ( انظروا في أمور الآخرة إلى من هو فوقكم ).
- العزلة .
- الحزن الشديد ( لعلك باخع نفسك ).
- الحركة وعدم الاستقرار وتباطؤ يلاحظه الآخرون.
- الاهتمام المفرط بملاحظة الناس ( منك وإليك ).
3- الأسباب الجسدية :
منها :
- الغذاء الفقير في محتواه .
- أو فقدان اللياقة البدنية .
- أو الأمراض مثل الانفلونزا.
- الولادة .
- التعاطي المتكرر لبعض المخدارت التي تتعاطى للشعور بالبهجة .
- الغربة .
- عدم التوازن في الموصلات العصبية في الجهاز العصبي.
4-الأسباب النفسية :
منها :
- ضعف الإيمان بالقدر .
- عدم الرضا .
- شدة الخجل .
- تحطيم المعنويات .
- الخوف من المستقبل .
- عدم الجرأة في اتخاذ القرار خشية الآخرين . ( عدم القدرة على قول ' لا ')
- الشك والوسواس .
طرق العلاج .
- من المهم جدا أن تتذكر أنه ليس هناك في الحياة حلول فورية للمشاكل.
- حل المشاكل يستغرق وقتا وطاقة وجهدا.
- في العلاج لا ينبغي أن ننظر إلى العقل والنفس والبدن كوحدات منفصلة بعضها عن الآخر ، بل ينبغي أن ننظر لها كوحدة واحدة .
فلا يمكن معالجة العقل بعيدا عن معالجة - الروح - النفس ، ومن العبث أن نسعى في إصلاح الجسد والروح خاوية خربة .!
لقد توصل الطب الحديث (والحمد لله) إلى علاج أكثر من 80% من حالات الاكتئاب، وهناك أكثر من طريقة لعلاج الاكتئاب، منها أنواع عديدة من الإرشاد والعلاج النفسي، وكذلك أنواع من العلاجات الدوائية، تسمى تلك الأدوية بمضادات الاكتئاب، التي تعمل على تصحيح بعض المواد الكيميائية في مخ الإنسان .
أولاً : العلاج الذاتي .
وهو علاج ذاتي يطبقه من يشكو من مثل هذه الأعراض بإلحاح ، وأنجح ما يكون هذا العلاج حين تكون :
- الإرادة القوية .
- والهمة العالية .
- والعزم والتصميم :
-1تقوية الإيمان والصلة بالله جل وتعالى .
فقوت الروح أرواح المعاني : : : وليس بأن طعمت ولا شربتا
إذا اطمأن القلب اطمأن سائر الجسد ، وحتى يتحقق الإطمئنان لابد من تحقق الإيمان .
إذا الإيمان ضاع فلا أمان : : : ولا دنيا لمن لم يحيي دينه !
جاء في الحديث عند أحمد في المسند : ' إن الإيمان إذا دخل القلب انفسح وانشرح '
وتحقيق الإيمان بالله جل وتعالى .يتحقق بأمور :
- معرفة الله بأسمائه وصفاته . تعلّما وتدبرا وتحقيقا لآثاراها في الأرض .
إن اسم الله ( الصبور ) يورث العبد الصبر .
واسمه ( الحكيم ) يورثه الإطمئنان لأنه يؤمن أن الله حكيم بما يقدره عليه .
واسم الله ( الرحمن الرحيم ) يورثه اللذّة .
واسمه ( المانع المعطي القابض الباسط ) يورثه الرضا والقناعة .
وهكذا حين يتحقق الإيمان الحق بأسمائه جل وتعالى فإن العبد يزول ما يجد في قلبه من الهم والاكتئاب والحزن .
- الصبر والاحتساب .
- الأذكار والتحصينات الشرعية .
- قراءة القرآن .
البعد عن الفواحش والآثام .
- المجاهدة .
-2 الابتسامة .
أثبتت إحدى البحوث العلمية مؤخراً أن الإبتسامة تؤثر على الشرايين التي تغذي المخ بالدم فيزداد تدفق إليه مما يبعث في النفس الهدوء والإحساس بالبهجة والسرور - مجلة الصدّيق العدد 5 / شهر صفر 1423 هـ -
-3التفاؤل .
تفاءلوا بالخير تجدوه !!
وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل .
ومن الفأل :
- الكلمةالطيبة .
- الاسم الحسن .
- حسن الظن بالله .
يذكرون أن أحدهم سقط من الطابق العاشر ، وفي أثناء سقوطه قابله رجل في على شرفة النافذة في الدور الرابع فسأله : كيف أنت ؟!
فأجاب الساقط : لا زلت بخير حتى الآن !!
-4المواجهة وعدم التهرب ( تحمل المسؤوليات (.
كما فعل كعب بن مالك يوم أن تخلّف عن غزوة تبوك .
وكأني به إنما صدق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعرفته بعواقب الكذب الذي من عواقبه : الضيق والنكد والاكتئاب وعدم الاطمئنان .
-5عدم التطلع إلى ما عند الآخرين .
وفي هذا جاءت تربية النبوة : ( انظروا في أمور دنياكم إلى من هو دونكم (
) ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا الآخرة !!(
) يا معشر الأنصار . . لو ذهب الناس بالشاء والبعير لذهبتم برسول الله صلى الله عليه وسلم( .
-6 تغيير الروتين
)السفر - تغيير المنزل - تغيير العمل . . التجديد في الزيارات . . (
سافر ففي الأسفار خمس فوائد *** تفريج هم واكتســــــاب معيشة
وعلمٌ وآدابٌ وصحبة مـــــــــــاجد *** وإن قيل في الأسفار ذلة ومحنة
وتاملوا في ذلك قصة قاتل المائة . . الذي وصّاه العالم بأن يغيّر بيئته ومكانه . . !!
وهكذات نجد أن سنّة تغيير الحال والموطن واردة في أكثر من موطن في السنة النبوية عند الغضب .
- عند الرؤى المنامية المحزنة .
- عند الاستسقاء .
وهكذا نجد أن تغيير الحال في هذه المواطن يؤثر في سلوك المرء وحاله ، ويصرف عنه ما يجد .
-7 هجر العوائد وقطع العلائق .
-8الترفيه المباح .
-9إذا لم تستطع شيئا فدعه .
يذكر أن الأصمعي ، لازم الخليل بن أحمد الفراهيدي ليتعلّم منه العروض ، ومع شدة ملازمته للفراهيدي إلا أنه عجز عن أن يتعلّم العروض . . فأصابه من ذلك اكتئاب شديد . . !!
فكتب إليه الخليل بن أحمد ينصحه ويُسلي عنه ويلاطفه بأدب :
إذا لم تستطع شيئا فدعه : : : وجاوزه إلى ما تستطيع !!
فترك الأصمعي تعلّم العروض وانخرط في اللغة فصار إماما من أئمة اللغة !!
-10الانخراط في أنشطة بدنية جسدية : أظهرت الدراسات أن رياضة الجري تعادل في فاعليتها فاعلية العلاج النفسي في معالجة حالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة.
-11عدم الاسترسال مع الأفكار السلبية . الاكتئاب له صفة واحدة رئيسية وهي أنك يجب أن تكون على حذر عندما تفكر فيما يكمن عمله لهزيمته فالاكتئاب بإمكانه أن يغذي نفسه. بكلمات أخرى، قد تصاب بالاكتئاب ثم تكتئب أكثر لكونك مصابا بالاكتئاب. الأفكار السلبية تصبح أمرا يحدث من تلقاء نفسه ومن العسير عليك أن تقاومها. كونك في حالة من الاكتئاب قد يكون عندها في حد ذاته مشكلة أكبر من الصعوبات التي تسببت في حدوثه في البداية.
-12الخلطة والمجالسة :
أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت مؤخرا في مجلة 'اسينشيالز' البريطانية ان الصداقة تحميك من الاكتئاب .
كما إن الأصدقاء يساعدون أيضا في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب ويعملون على تعزيز نظام المناعة .
فالأصدقاء يشكلون حماية من الإجهاد والاكتئاب .
فخالط من يذكرك بالله ويعينك في ضيقك ويفرح لفرحك ويحزن لحزنك ، جالس كل من يقربك إلى الله لأن القرب من الله يزل الهم والغم والبعد عنه يزيد ذلك .
ويوصي الأطباء النفسانيون في هذا بمخالطة من لهم مشاكل نفسية وتغلبوا عليها : فقد يكون من المفيد أن تلتقي مع آخرين ممن يعانون من الاكتئاب. قد يساعد هذا على إزالة مشاعر الانعزال وفي نفس الوقت تريك كيف تمكن الآخرون من التغلب على مصاعبهم. أن تجد أن بإمكانك أن تساعد الآخرين قد يساعدك أنت أيضا. هذه المجموعات عادة ما يقودها أناس قد تغلبوا على الاكتئاب هم أنفسهم.
وسبحان الله الحكيم الذي جعل الأخوة من أوثق عرى الإيمان !!
ثانياً : العلاج الإجتماعي .
وهو علاج تشترك فيه البيئة المحيطة بالمكتئب من والدين وإخوة ومربين وموجهين ومن أهل الاختصاص وهو يتطلب تجاوباً ذاتيا ممن يعاني من تسلّط هذه الأعراض عليه .
-1الحوار - الاستشارة النفسية - :
مع شخص ما مدرب على فن الاستماع. الأمر الذي يسمح للمريض بالتعبير عن مشاعره .
فالحديث والاستماع من قبل - شخص ما- يظهر التفهم والقبول قد يعين المريض على اكتشاف الأمور التي تزعجه.
المستشار النفسي قد يكون بإمكانه مساعدتك على الوصول إلى فهم أعمق لمشاعرك وأفكارك وسلوكك.
يساعدك على إيجاد طرق للتغلب على المشاكل التي تعاني منها.
إنه يهدف إلى توفير الفرصة لك للعمل على الحياة بطريقة أكثر إشباعا وإنتاجا.
قد تتشجع على النظر بإمعان إلى ماضيك، خصوصا طفولتك وعلاقاتك مع الأشخاص الذين كان لهم تأثير بارز في حياتك.
يساعدك على إدراك المشاكل والتغلب على الصعوبات العاطفية. المُعالج يُمكّنك من إيجاد صلات بين أفكارك وكيف تؤثر أفكارك فيك وفي سلوكك. علاج السلوك العقلي يساعدك على تطوير مهارات عملية تمنكك من استكشاف ماذا يكمن في جذر شعورك وسلوكك.
إنه ينبغي على أهل التربية أن يفتحوا صدورهم لاحتواء مثل هذه المشكلات . . التي تتطلب من المربي صدرا واسعاً وطول بال ومجاهدة على الصبر للوصول بمثل هؤلاء إلى بر الأمان .
إن الإعراض عن السماع ، أو كبت هذه المشاعر والعواطف والأحاسيس في نفس المريض يؤثر سلباً على السلوك ويزيد الأمور تعقيدا .
إن الإعراض عن السماع ومحاورة هؤلاء يزيد في الهوّة بين التربية النظرية والتربية التطبيقية .
أكثر ما يحتاج إليه المصابون بالاكتئاب هو شخص يقوم برعايتهم.
عندما تساعد صديقا أو قريبا فعليك أن لا تلومهم على كونهم مكتئبين أو تخبرهم أن عليهم 'أن يتماسكوا'. ربما أنهم يلومون أنفسهم مسبقا، وانتقادهم هو أمر مرشح لأن يزيد في اكتئابهم.
المديح هو أمر أكثر فعالية من الانتقاد. بإمكانك أن تذكرهم بأنه من الممكن أن يقوموا بأشياء لتحسين موقفهم، لكن عليك أن تقوم بهذا بعناية ولطف ليكون له أثره. من المهم أن تنتبه لحاجاتك الشخصية. إذا كنت تستطيع فحاول أن تشرك في مسئولية الاعتناء بصديقك أو قريبك أقصى عدد ممكن من الأشخاص. حاول أن تجد أشخاصا يمكنك أن تعبر لهم عن مشاعر انزعاجك. قد يكون هناك في منطقتك مجموعة لتقديم الدعم لمن هم في مثل موقفك.
-2 العقاقير .
إنها لا تعالج الاكتئاب، لكنها بلا شك تخفف من الأعراض لتتمكن من القيام بشيء ما للتعامل مع الاكتئاب بنفسك. مضادات الاكتئاب لا تنجح مع كل شخص وتسبب أعراض جانبية غير مرغوبة. عادة ما يستغرق الأمر بين أسبوعين إلى أربعة قبل أن يأخذ الدواء مفعوله. بعض مضادات الاكتئاب قد تكون خطيرة عند استعمالها مع عقاقير أخرى، وقد تعاني من آثار انسحاب العقار عندما تتوقف عن تعاطيها.
ومن المفيد ذكره أن هناك نوعاً معيناً من الأدوية المسماة 'مثبطات المونوأمين أكسيديز' التي يجب أن لا تؤخذ مع أدوية او اطعمة معينة لما قد تسببه من مشاكل صحية خطيرة. لذا عليك ان تكون معلومات عن الدواء الذي تتناوله إما بقراءة النشرة المرفقة او الإتصال بمراكز معلومات الأدوية والسموم.
-3العلاج بالصدمة الكهربائية .
لكن لها آثار سلية على الدماغ والذاكرة.
الاكتئاب القاتل البطئ
الاكتئاب القاتل البطئ
كثير من الناس يعانون من الشعور بالحزن وضيق الصدر وانخفاض الوزن وقلة الشهية للطعام ، مما يؤدي إلى قلة الإنتاج والتركيز واحتقار النفس والحياة لدرجة التفكير في الانتحار أو تمني الموت ، وهذه كلها أعراض لمرض خطير هو الاكتئاب .
قد يصيب الإنسان هذا المرض لأسباب خارجية ، كفقد شيء عزيز سواءً كان شخص أو مال أو منصب أو بسبب تناول بعض الأدوية التي تؤثر على الدماغ وتسبب الاكتئاب ، كذلك التوقف عن شرب الكحول والمخدرات والحبوب المنبهة . وقد يصاب الإنسان به بفعل أسباب داخلية تتمثل في العوامل الوراثية ، فيصاب الشخص وراثيا بالاكتئاب نتيجة وجود هذا المرض في أحد أفراد عائلته ، أو بسبب بعض الأمراض مثل نقص هرمونات الغدة الدرقية أو لأسباب أخرى وهمية يخترعها بعض الناس فتزيد من همومهم وأحزانهم.
ولقد غاب على كثير من الناس أن الله سبحانه وتعالى جعل في القرآن الكريم والسنة النبوية شفاءً لكثير من الأمراض ، كما أن هناك أموراً هي بمثابة العلاج الواقي من هذه الأمراض ومنها الاكتئاب ، وأهم هذه الأمور العقيدة وفهم معناها الصحيح واستيعاب جوانبها التي تتمثل في الإيمان بالقضاء والقدر ، فيعلم الإنسان أن ما أصابه أمر مكتوب لابد منه فلا يحزن بل يشعر بالارتياح والرضا والتسليم لله . أيضاً الإيمان باليوم الآخر فيعلم أن مصير هذه الدنيا إلى الزوال فليس المهم ما خسره فيها بل الأهم هو ما بعدها من حساب وعقاب فيقوى الإيمان وتشتد العزيمة ويهون وقع المصائب . كذلك الإيمان بأسماء الله وفهم معاني صفاته والإيمان بها وتطبيقها على ما يحدث للإنسان من أحداث ، فعندما يتيقن الإنسان بأن الله حكيم وأن ما يصيبه من البلاء إنما هو لحكمة أرادها الله ، فيرضى ويعلم أن الخير فيما يقدره الله سبحانه وتعالى .
وأكثر ما يهون على المسلم من شدة المصائب أنها ابتلاء من الله ودليل على محبته وأنها سبب لتكفير الذنوب كما أنها سبب في التوجه إلى الله بالدعاء وأنها دليل على قوة الإيمان وفي الصبر عليها الأجر العظيم ، كما قد يكون في حصول هذه المصيبة خير أراده الله ، فعندما يفهم المسلم المصائب على هذا النحو تكون أفضل علاج للاكتئاب الحاصل بسببها ، أو وقاية من حصوله لمن حلت عليه مصيبة .
وفي تقوى الله وطاعته خير وقاية للاكتئاب ، فقد قال سبحانه وتعالى ' من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم بأحسن ما كانوا يعملون ' ، ففي تقوى الله السعادة الحقيقية : سعادة الدنيا والآخرة .
ولا يخفى علينا أيضاً ما للدعاء والتسبيح من الفضل في الوقاية من الاكتئاب كالدعاء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ' اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ' . والأدعية العلاجية كما ورد منها عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : ' اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ' ، والتسبيح كدعاء يونس عليه السلام ' لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ' .
كذلك يجب على العاقل تقديم أسوأ الاحتمالات للمصيبة ، فيكتشف أنه كان من الممكن أن يحصل له الأسوأ ، فيخف عنه الهم والحزن ، وكذلك أن ينظر إلى من هم أعظم منه مصيبة فتهون عليه مصيبته ويحمد الله أنه لم يصل إلى حالهم .
وهناك بعض الناس من يسيء النظر إلى حقيقة الدنيا بأمور خيالية لا تتماشى مع طبيعة الحياة المتقلبة ، فبمجرد أن يتعرض لأول مصيبة أو خلل في شروطه التي وضعها لحياته المثالية ، يصيبه الحزن والهم العظيمين ، ولهذا نقول إن النظرة إلى الحياة بواقعية والبعد عن نظرة الكمال في الحياة سبب لراحة البال وتقبل الأمور برضا وتسليم يحمي من الاكتئاب .
كما ينبغي أيضاً تقديم حسن الظن بالآخرين ، فما أن يتعرض بعض الناس لأي موقف من أي شخص حتى يسيء الظن بصاحبه ويذهب إلى تفسير الأمور كما يشاء فيصيبه الضيق والهم ، ولو أنه أحسن الظن به ووجد له المبررات لموقفه لارتاح من هذا الضيق الذي يؤدي بصاحبه إلى الاكتئاب . فعلى الإنسان إذا تعرض لإيذاء من الآخرين أن يتجاهلهم ويعلم أنهم لا يضرونه بل يضرون أنفسهم وأن يحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى .
وآخر علاج للاكتئاب هو الأمل الذي ينير طريق الحياة ويشرح الصدر ، وليعلم الإنسان أنه كلما اشتدت المصائب وزادت ، كان الفرج من العلي القدير أقرب فقد وعدنا ، سبحانه وتعالى بذلك في قوله : ' سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً ' .
0 التعليقات:
إرسال تعليق