تعريف اليوغا :
تبدوا ظاهريا من الممارسات ذات الحركات الرياضية العادية، ولكن إذا تأملنا حقيقة ما تخفيه وراء تلك الحركات، اكتشفنا أنها تتخذها شكلا من أشكال التعبد الوثني، وتخفي أصولها السحرية. يحاول اليوغي بحركاته وسكناته وتأملاته إبرازها كرياضة تمارس لتقوية عضلات الجسم، وتنشيط الدورة الدموية، وتقوية عملية التنفس بالزفير والنفير. غير أن حركات اليوغا برمتها تعمل من أجل إخضاع نفسه وفكره وجميع وظائف بدنه الإرادية واللاإرادية إلى قوة روحانية لتتمكن من السيطرة على جوارحه ووظائف جسده أثناء العملية.
ينسب إلى هذا النوع الرياضي العلاجي، معالجة العديد من الأمراض والأعراض، مثلها مثل التطبيقات السابقة، ونظرا لكونها طريقة سحرية فعالة، فإن الممارس لهذه الطقوس الرياضية بمجرد بدءه العملية يلاحظ اختفاء عدة أعراض كانت تنتابه.
لا يستطيع أحد إيجاد الدليل على أنها ليست طقوسا سحرية مستمدة من الهندوسية الوثنية، ومن يتأمل جيدا في شكل طقوسها، ومعاني كلماتها ينتهي إلى قناعة أنها عبادة سحرية على شكل حركات رياضية. ولذلك يلاحظ أن اليوغي لا يوشك أن ينتهي من ممارسة طقوسها حتى تكون جوارحه قد استسلمت آليا إلى قوة مجهولة، وضمت كيانها إلى كيانه، وظل مرتبطا بها عضويا ونفسيا، وكلما حاول تركها وجد نفسه منجذبا إليها، ثم وعاوده ما كان يشكو من أعراض مثل القلق وغيره. وهكذا توهمه الروح الساحر أثناء الممارسة وبعدها بالانعتاق من التوتر وزوال القلق، والإحساس بالشفاء من الأمراض، والشعور براحة نفسية وجسدية عارمة واتساع فكري يجعله يواجه الظروف المحيطة به بصدر رحب، وكأنه يضع ثقة في قدراته والاعتماد على ذاته، كل ذلك يمكن أن يتحقق في لحظة من اللحظات، ولكن هل بإمكان تمارين تنفسية وحركات بطيئة تأملية أن تحقق تلك النتائج كلها في لحظة واحدة ؟
إن معلمي اليوغا اليوم يحرصون على بقاء الطريقة قائمة على مبادئها الأولى أكثر من حرصهم على الاستفادة من نتائجها. فهم مرة يقولون: إنها وسيلة ناجحة لإزالة الأمراض العصبية وتحقيق السعادة النفسية، ومرة يقولون: إنها ليست علاجا ناجحا لجميع الأمراض مع أنها يمكن أن تحقق الكثير، وقد زعموا كذلك أن ممارسة هذه التمارين قد تنشئ جيلا بلا أمراض، ولا يعاني من أية أعراض. جيل يتمتع بصحة جيدة، وحيوية كبيرة، وطاقة عالية، ويتوفر على مقاومة ذاتية ضد الإجهاد النفسي، والتعب الجسدي، ويمتلك قدرة تحسين تركيزه الفكري وإبقائه على ذاكرة سليمة طوال حياته، وامتلاك عامل إرادي قوي يحميه من كل الاضطرابات النفسية والقلق، وكذلك بالنسبة للمرأة الحامل، فإنها إذا ما قامت بتطبيق التعاليم اليوغية وداومت على ممارستها فإنها ستحرز على ولادة طبيعية.
ويؤكد رهبان البوذية على أن قشرة الرأس عندما تكون سليمة وتعمل بصورة جيدة ومنتظمة، فإنها تعطل عمل الانفعالات النفسية، وتمنع من حدوث أعراض جانبيا أو عكسية. معللين حجتهم كون دماغ الإنسان إذا ما أصابه التعب أنطلق تفكيره الطوعي مع انطلاق الانفعالات من عقالها مسببة أعراضا سيئة قد تضر بالجسم والنفس معا. ولعل أفضل وسيلة لكبح لجام هذه الانفعالات، لا يستحق إلا القيام بتمارين (اليوغا)، لأنها الطريقة الأنسب للقضاء على مختلف الأعراض والأمراض. وهم ينسبون كل مصادر الانفعالات إلى وظائف قشرة الدماغ حين تتأثر بعامل من العوامل الداخلية أو الخارجية، ويعتبرونها أداة فاعلة لإيقاف التهيج في المراكز الدماغية إذا كانت تعمل بشكل صحيح ومنتظم. وكذلك فإن استخدام عملية من هذا النوع يمكن إيقاف أشد الآلام في أي جزء من أجزاء دماغ الإنسان، ووفقا لهذا المبدأ فإنه بوسع المرأة الحامل إذا طبقت الطقوس اليوغية بشكل صحيح سيطرت على آلام الحمل وتجنبت ولادة عسيرة. وحجتهم في ذلك أن القشر الدماغي يمكن أن يقلل من مستوى الألم، أو تهدئته، أو تخديره وتقوية طاقة نسيجه تفاديا لتكرار حصوله مرة أخرى.
قيل إذا استخدمت طريقة التخدير بشكل جيد وطبقا للمعايير المتفق عليها في نظام اليوغا، فإن الألم ربما يبقى موجودا، ولكن الإحساس به لدى المريض يختفي تماما، وبرهنوا على صحة أقوالهم بحالة المجانين والمصابين بالهستيريات حيث نسبوا أسبابها المرضية إلى نقص في أنشطة قشر الدماغ، لذلك إذا وخز أحدهم لا يبدي انفعالا ولا ردة فعل، لأن قشر دماغه أصابه الخمول ولم يعد يتلقى إحساسا بالألم.
ولو سلمنا بصحة ما يعزى إلى المجنون أو المهستر على اعتبار عدم إحساسهما بالألم يعود إلى خلل أصاب أنسجة قشر الدماغ، ولهذه الأسباب صار لا يتلقى إحساسا مهما كانت درجته، إذن، فبما نفسر ظواهر مماثلة كثيرة تقع لأصحاب الحضرة الذين يغرزون السفافيد والسكاكين في أجسادهم ويمشون فوق الجمر ؟ وبما نفسر حالة المصارع الذي ينهال على خصمه ضربا بالكراسي والقضبان الحديدية دون أن يصاب ولو بجرح بسيط ؟ أليست هذه الأعمال من ضروب السحر الذي يقتل عمل قشر الرأس ويقتل حاسة الجوارح كلها ؟!!
وهم يتفقون مع أفكار الطب النفسي الجسدي الذي يرى أن الأمراض والاضطرابات النفسية معدية، إذ من الممكن للمرضى عصبيا إذا ما لمسوا بأيديهم أشخاصا آخرين انتقل إليهم المرض العصابي، وهذا هو السبب حسب اعتقادهم في انتقال أمراض العصابيات من شخص إلى آخر وزيادة انتشارها.
وهي أقوال لا شك أنها تتناقض مع حقائق علمية أثبتت أن انتقال مختلف الأمراض من شخص إلى شخص آخر لا تتم إلا عبر انتقال فيروسات قابلة للانتشار والتكاثر وإمراض الجسد المنتقل إليه، على حين لا يوجد لدى المجانين هذا النوع من الفيروسات المعدية، لأن حالتهم المرضية تظهر في أعراض مردها إلى خلل عقلي، وهذا الخلل العقلي قد يكون معظمه من المس الذي يتوارثه بعض أفراد الأسر، وينتقل من ممسوس إلى ممسوس.
وكذلك أرجعوا أسباب انتشارها وازدياد المجانين في زمننا الحالي إلى كون الناس لا يمارسون طقوس اليوغا، وعلى أساس ذلك فهم لا يتمتعون بحصانة من الإصابة بالجنون والأمراض النفسية ولا يتوفرون على صحة عقلية سليمة، ولذلك غالبا ما نجدهم ينقصهم التركيز العقلي الجيد وتنتاب نفوسهم اضطرابات فكرية، ولعل ذلك ما جعل أكثرهم يتميزون بفكر شارد وعدم التركيز وفقدان التناغم الداخلي، وبالضرورة أصبح مثل هؤلاء الأشخاص عرضة لمختلف الأمراض والإصابة بالاضطرابات الداخلية.
وأما ممارسو اليوغا في نظرهم فهم يتميزون عن غيرهم بالصحة العقلية والحيوية الجسدية، كما أنهم يتمتعون بتوازن نفسي وبهدوء عقلي ثابت، وإذا ما اختبر أحدهم في مستوى التأمل حسب قولهم كانت نتائجه جيدة، ويظل يتمتع بحسن التركيز مهما طالت المدة. فيما يلاحظ أن غيرهم، قدرة صمودهم ضعيفة أمام المواقف الصعبة، ولا يستطيعون تثبيت أفكارهم إلا لبعض الوقت. وأن طبيعة اليوغي النفسية تجعله ميالا إلى الهدوء، لأن حالته النفسية المستقرة تجعله يتفادى التوتر العصبي وبوسعه السيطرة على حالاته في كل المواقف، وهذا مبدأ أساسي في اليوغا.
والذي يتأمل في مجموع خصائص هذه التطبيقات ويجري مقارنة بين نتائجها وأقوال أصحابها، سيخلص إلى نتيجة مفادها أنه لا فرق بينها جميعا من حيث الشكل والمضمون ومن حيث النتائج المزعومة، في حين نجدها تختلف إلا في الأسماء والعناوين، والذي يقف وراءها قوى خفية واحدة. فما أسهل على الإنسان التنفس والتأمل والتركيز الذهني وتلك الحركات الهادئة لولا لم تكن عبادة لعفاريت يراد بها عبادة غير الله.
كيف نشأت اليوغا ؟
أول من مارسها كعبادة روحانية واستخدمها في التطبيب، رهبان الهنود قبل 2000 سنة، ومنذ ذلك الوقت بقيت عبادة هندوسية قائمة على مبادئها الأولى، محافظة على قواعدها الأصلية، ونظرا لأن الغرب أعطى أهمية كبيرة لمثل هذه التطبيقات، أعاد صياغتها وألبسها ثوبا جديدا، وأطلق عليها أسماء وتعريفات أخرى، لتكييفها مع واقع الثقافات العالمية، وأصبح معتنقوها يوجدون في كل بلدان العالم. وحتى تحظى بقبول حسن في المجتمعات الإسلامية وتتلاءم مع تقاليدها ودينها وثقافتها أضيفت إليها بعض التغييرات والكلمات في أساليب التطبيق، ولما اشتهرت كرياضة مفيدة للصحة أصبحت تمارس بعفوية من طرف أشخاص لا يعرفون جذورها الوثنية، ومصادرها السحرية، أو مبادئها الفلسفية، وأصولها الدينية، ولعل ذلك ما جعل الناس يمارسونها كرياضة عادية. واليوغا مازالت تمارس في الهند والصين ودول الهند الصينية وكوريا واليابان كعبادة، ويتمسك أتباعها بهذا الاعتقاد ولا ينظرون إليها كمجرد حركات رياضية صحية علاجية فقط.
يطلق على اليوغا اسم ( راجا هاثا )، وهي مؤلفة من اسمي الشمس والقمر. مما يدل أنها كانت عبادة قديمة للشمس والقمر، وأما الوضعيات التي تتميز بها ليست هي الغاية، إنما هي شكل من أشكال التعبد الهندوسي الذي يوفر قدرا من الاسترخاء والسيطرة العقلية الضرورية للتأمل في عبادة الشمس والقمر.
يحاول اليوغي من خلال تلك الحركات والتأمل تحقيق نسبة عالية من التركيز على المعلومات والمواضيع المطلوبة، وهذا مايعتبره الأخصائيون المبدأ الأساسي فيها. وقد تعني كلمة ( يوغا ) الانضمام إلى الفلسفة الدينية، وهي بذلك تعني دمج كل أجزاء الإنسان في طاقة الشمس والقمر أو بمعنى آخر تعتبر المسار إلى التحرر الكلي، والاندماج في الطاقة الكونية، أو الروح العالمية، كما يسمونها. وأصحاب هذه التمارين يحرصون على كسب فئة الأطفال حتى يتسن لهم تربيتهم على مبادئ وأفكار يصعب تركها عند كبرهم، والسر في ذلك أن الأرواح التي تسلط على صغار السن، لا تجد صعوبة في ترويض نفوسهم وامتلاك عقولهم، وعندما ينشأ الطفل وعقله مملوكا لن يتقبل في كبره أي فكرة أخرى.
وفي هذا السياق يقول أحد اليوغيين: " فإن تمارين اليوغا ستساعد الأطفال على النمو الصحيح والسليم، ومن شأنها أن تعطيهم جسداً قوياً ومتيناً. ومن شأن هذه الممارسة أن تصبح عادة جيدة لن يستغنوا عنها طوال حياتهم. قياساً بما سبق فإن تمارين اليوغا ستكون أحسن معين لهم، وخاصة في سني الدراسة الأولى، لأنها ستساعدهم على التحكم بالذات وعلى الهدوء وإبعاد التوتر في أوقات الضرورة، أضف إلى أنها تساعد على تنقية المخ في النجاح الدراسي. أما ما يخص البالغين بالسن فالمسألة معاكسة. فهم يتذكرون أيام الشباب ويظنون أن كل شيء قد مضى. لكن قوة الحياة موجودة طالما بقي الإنسان على قيد الحياة، نعم إن سن المرء يلعب دوراً، فنجدها أقوى ما تكون في سن الشباب، لكن هذا لا ينفي وجود هذه القوة إلا إذا تجاهلنا نحن أنفسنا، فالتجارب بينت أن طريقة الحياة هي التي تطيل أو تقصر فترة الشباب. وهذه التجارب بينت بجلاء أن أطول فترة شباب يمكن أن تكون عند ممارسي اليوغا " !! نقلا عن موقع لليوغا
ويبدو أن أكثر الناس الذين يمارسون اليوغا من المسلمين يعتبرونها حركات رياضية تنموية بحتة ليست لها خلفية دينية ولا دوافع أخرى، ولكن الشرود الذهني في الماورائيات والتأمل في الصور (الخيالية) يجردها من هذا الاعتبار، حيث تتجلى خفاياها الدينية حين تجد أصحابها يؤكدون على أنه يجب أن تمارس عدة مرات يوميا، ويشترطون أن يراعى في الممارسات الجماعية النهج في التنفيذ وأداء الممارسة الجماعية وكأنهم رجل واحد في مكان هادئ، وأن لا تقاطع من طرف الآخرين، ويلزم وجود سجادة خاصة بصلاة اليوغا لا تستخدم لأغراض أخرى ؟
وإذا أردنا أن نعرف حقيقة فوائد ما جناه ممارسو اليوغا، فلنأخذ شعب التبت كمثال حي، وهو شعب مدمن عليها، ومن رحم عقيدته نشأت اليوغا. فهل حققت له الرفاهية والسعادة الدنيوية والتقدم والراحة النفسية؟ وهل يريد اليوغيون من الشعوب الأخرى أن تتأسى بهذا الشعب الذي يبدو حاله كما لو أنه يعيش في القرون الأولى؟ فما جنيَ هذا الشعب من تلك الممارسات؟ لا توجد إشارات إيجابية توحي أن هذا الشعب يتميز عن بقية الشعوب بالتقدم وينعم بالرفاهية والتحضر ومعافى من جميع الأمراض، بقدر ما جلبت له هذه العبادات البؤس وكل أشكال التخلف، والمسكنة والدروشة الصوفية. إن الذين يزعمون أنها تجلب السعادة والهناء والصحة والمعافاة من الأمراض مخطئين، ولو كان ذلك صحيحا لكان شعب الهند أفضل الشعوب حالا، ولكن الواقع يثبت أن معاناتهم تفوق ما تعانيه شعوب العالم مجتمعة. فأين السعادة المزعومة والحياة الكريمة التي يتغنى بها أصحاب اليوغا ؟
وستتضح صورة المغالطات أكثر عندما نظهر الأدلة لاحقا كونها عبادة وثنية كان يمارسها الهنود منذ أقدم العصور، وليست تمارين رياضية كما يزعم الذين يجهلون سرها ومبادئها وعقيدتها. واليوغا الملكية (راجا يوغا) هي أعلى درجة من اليوغا العادية. وهي فرض كفاية على اليوغيين وليست فرض عين. وقد تقتصر ممارستها على عدد قليل من الأفراد، ويكفي أن يقوم بتأدية طقوسها فرد واحد في معظم الأحايين يتميز بالصفا الروحي مقام الجماعة أو أن يقوم بتمثيل عدة ملايين من الناس مثل شخصية ( الدالاي لاما). ولا تكتمل نتائج هذه التمارين ( العبادة ) إلا بتوفر شروط معينة وأساسية في العقيدة اليوغية، وهي:
* الحرمان: وهي رياضة روحانية يقصد بها الحرمان الذاتي والانعزال والانكماش.
* ترويض النفس: وهي رياضة روحانية يقوم من خلالها المريد توجيه حركة الأفكار والسيطرة عليها وتوجيهها نحو ( الوحدة الأساسية لجميع الأشياء) والمقصود بها قوة روحية تتحكم في أصل الأشياء يتقرب إليها الإنسان بالعبادة.
* التمارين: وهي وضعيات وحركات جسدية معلومة لا تقبل الزيادة وإجراء تعديلات في وضعياتها وحركاتها الأصلية حتى تبقى منسجمة مع طرق التأمل والتركيز بدون جهد.
* التنفس: وهو عملية لترويض الجسد وتمكين القوة الروحانية من التحكم في القوة الجسمانية للفرد والسيطرة على قواه العضلية في كامل جسده وبلوغها أقصى مكامنه والتوغل فيه.
* الاعتزال: وهو يقوم مقام الرياضة الروحانية لمراقبة الحواس وإخضاعها للإرادة حتى تتناغم مع بعضها ولا يستقل جانب عن جانب.
* الذاتية: وهي عملية مفادها التحقق من مسألة التأمل.
* التركيز: وهي عملية التركيز على نقطة معينة في الذهن أو الصورة المتخيلة والتمعن فيها ومعرفة شكلها.
* التأمل: وهي عملية يراد بها الدخول إلى أعماق الجوهرية للفرد.
تعتبر هذه النقاط مبادئ أساسية لليوغا، والذي يتأمل سر كل نقطة يتأكد من أنها عبادة قائمة بنفسها. واليوغا تنقسم إلى عدة أقسام، وكل قسم يتميز بخصوصية ودور يؤديه ضمن أصول اليوغا الكبرى:
* يوغا المعرفة ( جناني يوغا ): قيل أنها خاصة بطبقة المثقفين والفلاسفة وهدفها وصول الفرد إلى المستوى الوجداني. بعد تلقينه أسرارها يصبح الفرد غير متقبل لفكرة دينية أو فلسفية أو نظرية خارجة عن مبادئ اليوغا، وكلما تعمق بحثه في أسرارها أزداد تزمتا اتجاهها وترسخ إيمانه بها.
* يوغا العبادة والزهد ( بهاكتي يوغا ): وهي عبادة يمارسها الفرد لنيل هذه الدرجة من خلال الحب والإخلاص والتفاني في العمل لأجلها.
* يوغا العمل ( كرما يوغا ): وهي نوع من أنواع عمل البر، تحتم على الفرد اليوغي القيام بعمل ما دون مقابل، ولا يجوز له أن ينتظر من جراء عمله الخيري الحصول على منفعة بعينها.
* يوغا الطقوس والشعائر ( مانترا يوغا ): وهي طقوس وشعائر تؤدى على شكل تراتيل، مثل تراتيل الصوفية.
* يوغا الانصهار (لايا يوغا): وهي حسب زعمهم توقظ الطاقة الكامنة في الفرد بالترويضيات التأملية وغيرها، بشرط أن يزيل من نفسه وتصرفاته جميع المعتقدات السابقة والعادات التي تتعارض مع هذه الطريقة، والتخلص من كل عائق يقف عقبة في وجه تحقيق هذا الهدف والوصول إلى مراحل اليوغا العليا، ليتمكن المريد من السيطرة على إرادته والتحكم في أعضاء بدنه عضلة عضلة، ويشترط أن تتم التمارين تحت إشراف معلم متمرن.
* يوغا الطاقة الجسدية ( هاثا يوغا): وهي نوع من فنون معرفة الحياة، يراد بها وضع الجسد تحت الرقابة المستمرة لإيقاظ طاقاته وتنشيط عضلاته النائمة عضلة عضلة، ومنها التحكم في حركات الأعضاء، وخاصة وظائف أعضائه الداخلية كالمعدة والأمعاء والقلب...
تبدوا ظاهريا من الممارسات ذات الحركات الرياضية العادية، ولكن إذا تأملنا حقيقة ما تخفيه وراء تلك الحركات، اكتشفنا أنها تتخذها شكلا من أشكال التعبد الوثني، وتخفي أصولها السحرية. يحاول اليوغي بحركاته وسكناته وتأملاته إبرازها كرياضة تمارس لتقوية عضلات الجسم، وتنشيط الدورة الدموية، وتقوية عملية التنفس بالزفير والنفير. غير أن حركات اليوغا برمتها تعمل من أجل إخضاع نفسه وفكره وجميع وظائف بدنه الإرادية واللاإرادية إلى قوة روحانية لتتمكن من السيطرة على جوارحه ووظائف جسده أثناء العملية.
ينسب إلى هذا النوع الرياضي العلاجي، معالجة العديد من الأمراض والأعراض، مثلها مثل التطبيقات السابقة، ونظرا لكونها طريقة سحرية فعالة، فإن الممارس لهذه الطقوس الرياضية بمجرد بدءه العملية يلاحظ اختفاء عدة أعراض كانت تنتابه.
لا يستطيع أحد إيجاد الدليل على أنها ليست طقوسا سحرية مستمدة من الهندوسية الوثنية، ومن يتأمل جيدا في شكل طقوسها، ومعاني كلماتها ينتهي إلى قناعة أنها عبادة سحرية على شكل حركات رياضية. ولذلك يلاحظ أن اليوغي لا يوشك أن ينتهي من ممارسة طقوسها حتى تكون جوارحه قد استسلمت آليا إلى قوة مجهولة، وضمت كيانها إلى كيانه، وظل مرتبطا بها عضويا ونفسيا، وكلما حاول تركها وجد نفسه منجذبا إليها، ثم وعاوده ما كان يشكو من أعراض مثل القلق وغيره. وهكذا توهمه الروح الساحر أثناء الممارسة وبعدها بالانعتاق من التوتر وزوال القلق، والإحساس بالشفاء من الأمراض، والشعور براحة نفسية وجسدية عارمة واتساع فكري يجعله يواجه الظروف المحيطة به بصدر رحب، وكأنه يضع ثقة في قدراته والاعتماد على ذاته، كل ذلك يمكن أن يتحقق في لحظة من اللحظات، ولكن هل بإمكان تمارين تنفسية وحركات بطيئة تأملية أن تحقق تلك النتائج كلها في لحظة واحدة ؟
إن معلمي اليوغا اليوم يحرصون على بقاء الطريقة قائمة على مبادئها الأولى أكثر من حرصهم على الاستفادة من نتائجها. فهم مرة يقولون: إنها وسيلة ناجحة لإزالة الأمراض العصبية وتحقيق السعادة النفسية، ومرة يقولون: إنها ليست علاجا ناجحا لجميع الأمراض مع أنها يمكن أن تحقق الكثير، وقد زعموا كذلك أن ممارسة هذه التمارين قد تنشئ جيلا بلا أمراض، ولا يعاني من أية أعراض. جيل يتمتع بصحة جيدة، وحيوية كبيرة، وطاقة عالية، ويتوفر على مقاومة ذاتية ضد الإجهاد النفسي، والتعب الجسدي، ويمتلك قدرة تحسين تركيزه الفكري وإبقائه على ذاكرة سليمة طوال حياته، وامتلاك عامل إرادي قوي يحميه من كل الاضطرابات النفسية والقلق، وكذلك بالنسبة للمرأة الحامل، فإنها إذا ما قامت بتطبيق التعاليم اليوغية وداومت على ممارستها فإنها ستحرز على ولادة طبيعية.
ويؤكد رهبان البوذية على أن قشرة الرأس عندما تكون سليمة وتعمل بصورة جيدة ومنتظمة، فإنها تعطل عمل الانفعالات النفسية، وتمنع من حدوث أعراض جانبيا أو عكسية. معللين حجتهم كون دماغ الإنسان إذا ما أصابه التعب أنطلق تفكيره الطوعي مع انطلاق الانفعالات من عقالها مسببة أعراضا سيئة قد تضر بالجسم والنفس معا. ولعل أفضل وسيلة لكبح لجام هذه الانفعالات، لا يستحق إلا القيام بتمارين (اليوغا)، لأنها الطريقة الأنسب للقضاء على مختلف الأعراض والأمراض. وهم ينسبون كل مصادر الانفعالات إلى وظائف قشرة الدماغ حين تتأثر بعامل من العوامل الداخلية أو الخارجية، ويعتبرونها أداة فاعلة لإيقاف التهيج في المراكز الدماغية إذا كانت تعمل بشكل صحيح ومنتظم. وكذلك فإن استخدام عملية من هذا النوع يمكن إيقاف أشد الآلام في أي جزء من أجزاء دماغ الإنسان، ووفقا لهذا المبدأ فإنه بوسع المرأة الحامل إذا طبقت الطقوس اليوغية بشكل صحيح سيطرت على آلام الحمل وتجنبت ولادة عسيرة. وحجتهم في ذلك أن القشر الدماغي يمكن أن يقلل من مستوى الألم، أو تهدئته، أو تخديره وتقوية طاقة نسيجه تفاديا لتكرار حصوله مرة أخرى.
قيل إذا استخدمت طريقة التخدير بشكل جيد وطبقا للمعايير المتفق عليها في نظام اليوغا، فإن الألم ربما يبقى موجودا، ولكن الإحساس به لدى المريض يختفي تماما، وبرهنوا على صحة أقوالهم بحالة المجانين والمصابين بالهستيريات حيث نسبوا أسبابها المرضية إلى نقص في أنشطة قشر الدماغ، لذلك إذا وخز أحدهم لا يبدي انفعالا ولا ردة فعل، لأن قشر دماغه أصابه الخمول ولم يعد يتلقى إحساسا بالألم.
ولو سلمنا بصحة ما يعزى إلى المجنون أو المهستر على اعتبار عدم إحساسهما بالألم يعود إلى خلل أصاب أنسجة قشر الدماغ، ولهذه الأسباب صار لا يتلقى إحساسا مهما كانت درجته، إذن، فبما نفسر ظواهر مماثلة كثيرة تقع لأصحاب الحضرة الذين يغرزون السفافيد والسكاكين في أجسادهم ويمشون فوق الجمر ؟ وبما نفسر حالة المصارع الذي ينهال على خصمه ضربا بالكراسي والقضبان الحديدية دون أن يصاب ولو بجرح بسيط ؟ أليست هذه الأعمال من ضروب السحر الذي يقتل عمل قشر الرأس ويقتل حاسة الجوارح كلها ؟!!
وهم يتفقون مع أفكار الطب النفسي الجسدي الذي يرى أن الأمراض والاضطرابات النفسية معدية، إذ من الممكن للمرضى عصبيا إذا ما لمسوا بأيديهم أشخاصا آخرين انتقل إليهم المرض العصابي، وهذا هو السبب حسب اعتقادهم في انتقال أمراض العصابيات من شخص إلى آخر وزيادة انتشارها.
وهي أقوال لا شك أنها تتناقض مع حقائق علمية أثبتت أن انتقال مختلف الأمراض من شخص إلى شخص آخر لا تتم إلا عبر انتقال فيروسات قابلة للانتشار والتكاثر وإمراض الجسد المنتقل إليه، على حين لا يوجد لدى المجانين هذا النوع من الفيروسات المعدية، لأن حالتهم المرضية تظهر في أعراض مردها إلى خلل عقلي، وهذا الخلل العقلي قد يكون معظمه من المس الذي يتوارثه بعض أفراد الأسر، وينتقل من ممسوس إلى ممسوس.
وكذلك أرجعوا أسباب انتشارها وازدياد المجانين في زمننا الحالي إلى كون الناس لا يمارسون طقوس اليوغا، وعلى أساس ذلك فهم لا يتمتعون بحصانة من الإصابة بالجنون والأمراض النفسية ولا يتوفرون على صحة عقلية سليمة، ولذلك غالبا ما نجدهم ينقصهم التركيز العقلي الجيد وتنتاب نفوسهم اضطرابات فكرية، ولعل ذلك ما جعل أكثرهم يتميزون بفكر شارد وعدم التركيز وفقدان التناغم الداخلي، وبالضرورة أصبح مثل هؤلاء الأشخاص عرضة لمختلف الأمراض والإصابة بالاضطرابات الداخلية.
وأما ممارسو اليوغا في نظرهم فهم يتميزون عن غيرهم بالصحة العقلية والحيوية الجسدية، كما أنهم يتمتعون بتوازن نفسي وبهدوء عقلي ثابت، وإذا ما اختبر أحدهم في مستوى التأمل حسب قولهم كانت نتائجه جيدة، ويظل يتمتع بحسن التركيز مهما طالت المدة. فيما يلاحظ أن غيرهم، قدرة صمودهم ضعيفة أمام المواقف الصعبة، ولا يستطيعون تثبيت أفكارهم إلا لبعض الوقت. وأن طبيعة اليوغي النفسية تجعله ميالا إلى الهدوء، لأن حالته النفسية المستقرة تجعله يتفادى التوتر العصبي وبوسعه السيطرة على حالاته في كل المواقف، وهذا مبدأ أساسي في اليوغا.
والذي يتأمل في مجموع خصائص هذه التطبيقات ويجري مقارنة بين نتائجها وأقوال أصحابها، سيخلص إلى نتيجة مفادها أنه لا فرق بينها جميعا من حيث الشكل والمضمون ومن حيث النتائج المزعومة، في حين نجدها تختلف إلا في الأسماء والعناوين، والذي يقف وراءها قوى خفية واحدة. فما أسهل على الإنسان التنفس والتأمل والتركيز الذهني وتلك الحركات الهادئة لولا لم تكن عبادة لعفاريت يراد بها عبادة غير الله.
كيف نشأت اليوغا ؟
أول من مارسها كعبادة روحانية واستخدمها في التطبيب، رهبان الهنود قبل 2000 سنة، ومنذ ذلك الوقت بقيت عبادة هندوسية قائمة على مبادئها الأولى، محافظة على قواعدها الأصلية، ونظرا لأن الغرب أعطى أهمية كبيرة لمثل هذه التطبيقات، أعاد صياغتها وألبسها ثوبا جديدا، وأطلق عليها أسماء وتعريفات أخرى، لتكييفها مع واقع الثقافات العالمية، وأصبح معتنقوها يوجدون في كل بلدان العالم. وحتى تحظى بقبول حسن في المجتمعات الإسلامية وتتلاءم مع تقاليدها ودينها وثقافتها أضيفت إليها بعض التغييرات والكلمات في أساليب التطبيق، ولما اشتهرت كرياضة مفيدة للصحة أصبحت تمارس بعفوية من طرف أشخاص لا يعرفون جذورها الوثنية، ومصادرها السحرية، أو مبادئها الفلسفية، وأصولها الدينية، ولعل ذلك ما جعل الناس يمارسونها كرياضة عادية. واليوغا مازالت تمارس في الهند والصين ودول الهند الصينية وكوريا واليابان كعبادة، ويتمسك أتباعها بهذا الاعتقاد ولا ينظرون إليها كمجرد حركات رياضية صحية علاجية فقط.
يطلق على اليوغا اسم ( راجا هاثا )، وهي مؤلفة من اسمي الشمس والقمر. مما يدل أنها كانت عبادة قديمة للشمس والقمر، وأما الوضعيات التي تتميز بها ليست هي الغاية، إنما هي شكل من أشكال التعبد الهندوسي الذي يوفر قدرا من الاسترخاء والسيطرة العقلية الضرورية للتأمل في عبادة الشمس والقمر.
يحاول اليوغي من خلال تلك الحركات والتأمل تحقيق نسبة عالية من التركيز على المعلومات والمواضيع المطلوبة، وهذا مايعتبره الأخصائيون المبدأ الأساسي فيها. وقد تعني كلمة ( يوغا ) الانضمام إلى الفلسفة الدينية، وهي بذلك تعني دمج كل أجزاء الإنسان في طاقة الشمس والقمر أو بمعنى آخر تعتبر المسار إلى التحرر الكلي، والاندماج في الطاقة الكونية، أو الروح العالمية، كما يسمونها. وأصحاب هذه التمارين يحرصون على كسب فئة الأطفال حتى يتسن لهم تربيتهم على مبادئ وأفكار يصعب تركها عند كبرهم، والسر في ذلك أن الأرواح التي تسلط على صغار السن، لا تجد صعوبة في ترويض نفوسهم وامتلاك عقولهم، وعندما ينشأ الطفل وعقله مملوكا لن يتقبل في كبره أي فكرة أخرى.
وفي هذا السياق يقول أحد اليوغيين: " فإن تمارين اليوغا ستساعد الأطفال على النمو الصحيح والسليم، ومن شأنها أن تعطيهم جسداً قوياً ومتيناً. ومن شأن هذه الممارسة أن تصبح عادة جيدة لن يستغنوا عنها طوال حياتهم. قياساً بما سبق فإن تمارين اليوغا ستكون أحسن معين لهم، وخاصة في سني الدراسة الأولى، لأنها ستساعدهم على التحكم بالذات وعلى الهدوء وإبعاد التوتر في أوقات الضرورة، أضف إلى أنها تساعد على تنقية المخ في النجاح الدراسي. أما ما يخص البالغين بالسن فالمسألة معاكسة. فهم يتذكرون أيام الشباب ويظنون أن كل شيء قد مضى. لكن قوة الحياة موجودة طالما بقي الإنسان على قيد الحياة، نعم إن سن المرء يلعب دوراً، فنجدها أقوى ما تكون في سن الشباب، لكن هذا لا ينفي وجود هذه القوة إلا إذا تجاهلنا نحن أنفسنا، فالتجارب بينت أن طريقة الحياة هي التي تطيل أو تقصر فترة الشباب. وهذه التجارب بينت بجلاء أن أطول فترة شباب يمكن أن تكون عند ممارسي اليوغا " !! نقلا عن موقع لليوغا
ويبدو أن أكثر الناس الذين يمارسون اليوغا من المسلمين يعتبرونها حركات رياضية تنموية بحتة ليست لها خلفية دينية ولا دوافع أخرى، ولكن الشرود الذهني في الماورائيات والتأمل في الصور (الخيالية) يجردها من هذا الاعتبار، حيث تتجلى خفاياها الدينية حين تجد أصحابها يؤكدون على أنه يجب أن تمارس عدة مرات يوميا، ويشترطون أن يراعى في الممارسات الجماعية النهج في التنفيذ وأداء الممارسة الجماعية وكأنهم رجل واحد في مكان هادئ، وأن لا تقاطع من طرف الآخرين، ويلزم وجود سجادة خاصة بصلاة اليوغا لا تستخدم لأغراض أخرى ؟
وإذا أردنا أن نعرف حقيقة فوائد ما جناه ممارسو اليوغا، فلنأخذ شعب التبت كمثال حي، وهو شعب مدمن عليها، ومن رحم عقيدته نشأت اليوغا. فهل حققت له الرفاهية والسعادة الدنيوية والتقدم والراحة النفسية؟ وهل يريد اليوغيون من الشعوب الأخرى أن تتأسى بهذا الشعب الذي يبدو حاله كما لو أنه يعيش في القرون الأولى؟ فما جنيَ هذا الشعب من تلك الممارسات؟ لا توجد إشارات إيجابية توحي أن هذا الشعب يتميز عن بقية الشعوب بالتقدم وينعم بالرفاهية والتحضر ومعافى من جميع الأمراض، بقدر ما جلبت له هذه العبادات البؤس وكل أشكال التخلف، والمسكنة والدروشة الصوفية. إن الذين يزعمون أنها تجلب السعادة والهناء والصحة والمعافاة من الأمراض مخطئين، ولو كان ذلك صحيحا لكان شعب الهند أفضل الشعوب حالا، ولكن الواقع يثبت أن معاناتهم تفوق ما تعانيه شعوب العالم مجتمعة. فأين السعادة المزعومة والحياة الكريمة التي يتغنى بها أصحاب اليوغا ؟
وستتضح صورة المغالطات أكثر عندما نظهر الأدلة لاحقا كونها عبادة وثنية كان يمارسها الهنود منذ أقدم العصور، وليست تمارين رياضية كما يزعم الذين يجهلون سرها ومبادئها وعقيدتها. واليوغا الملكية (راجا يوغا) هي أعلى درجة من اليوغا العادية. وهي فرض كفاية على اليوغيين وليست فرض عين. وقد تقتصر ممارستها على عدد قليل من الأفراد، ويكفي أن يقوم بتأدية طقوسها فرد واحد في معظم الأحايين يتميز بالصفا الروحي مقام الجماعة أو أن يقوم بتمثيل عدة ملايين من الناس مثل شخصية ( الدالاي لاما). ولا تكتمل نتائج هذه التمارين ( العبادة ) إلا بتوفر شروط معينة وأساسية في العقيدة اليوغية، وهي:
* الحرمان: وهي رياضة روحانية يقصد بها الحرمان الذاتي والانعزال والانكماش.
* ترويض النفس: وهي رياضة روحانية يقوم من خلالها المريد توجيه حركة الأفكار والسيطرة عليها وتوجيهها نحو ( الوحدة الأساسية لجميع الأشياء) والمقصود بها قوة روحية تتحكم في أصل الأشياء يتقرب إليها الإنسان بالعبادة.
* التمارين: وهي وضعيات وحركات جسدية معلومة لا تقبل الزيادة وإجراء تعديلات في وضعياتها وحركاتها الأصلية حتى تبقى منسجمة مع طرق التأمل والتركيز بدون جهد.
* التنفس: وهو عملية لترويض الجسد وتمكين القوة الروحانية من التحكم في القوة الجسمانية للفرد والسيطرة على قواه العضلية في كامل جسده وبلوغها أقصى مكامنه والتوغل فيه.
* الاعتزال: وهو يقوم مقام الرياضة الروحانية لمراقبة الحواس وإخضاعها للإرادة حتى تتناغم مع بعضها ولا يستقل جانب عن جانب.
* الذاتية: وهي عملية مفادها التحقق من مسألة التأمل.
* التركيز: وهي عملية التركيز على نقطة معينة في الذهن أو الصورة المتخيلة والتمعن فيها ومعرفة شكلها.
* التأمل: وهي عملية يراد بها الدخول إلى أعماق الجوهرية للفرد.
تعتبر هذه النقاط مبادئ أساسية لليوغا، والذي يتأمل سر كل نقطة يتأكد من أنها عبادة قائمة بنفسها. واليوغا تنقسم إلى عدة أقسام، وكل قسم يتميز بخصوصية ودور يؤديه ضمن أصول اليوغا الكبرى:
* يوغا المعرفة ( جناني يوغا ): قيل أنها خاصة بطبقة المثقفين والفلاسفة وهدفها وصول الفرد إلى المستوى الوجداني. بعد تلقينه أسرارها يصبح الفرد غير متقبل لفكرة دينية أو فلسفية أو نظرية خارجة عن مبادئ اليوغا، وكلما تعمق بحثه في أسرارها أزداد تزمتا اتجاهها وترسخ إيمانه بها.
* يوغا العبادة والزهد ( بهاكتي يوغا ): وهي عبادة يمارسها الفرد لنيل هذه الدرجة من خلال الحب والإخلاص والتفاني في العمل لأجلها.
* يوغا العمل ( كرما يوغا ): وهي نوع من أنواع عمل البر، تحتم على الفرد اليوغي القيام بعمل ما دون مقابل، ولا يجوز له أن ينتظر من جراء عمله الخيري الحصول على منفعة بعينها.
* يوغا الطقوس والشعائر ( مانترا يوغا ): وهي طقوس وشعائر تؤدى على شكل تراتيل، مثل تراتيل الصوفية.
* يوغا الانصهار (لايا يوغا): وهي حسب زعمهم توقظ الطاقة الكامنة في الفرد بالترويضيات التأملية وغيرها، بشرط أن يزيل من نفسه وتصرفاته جميع المعتقدات السابقة والعادات التي تتعارض مع هذه الطريقة، والتخلص من كل عائق يقف عقبة في وجه تحقيق هذا الهدف والوصول إلى مراحل اليوغا العليا، ليتمكن المريد من السيطرة على إرادته والتحكم في أعضاء بدنه عضلة عضلة، ويشترط أن تتم التمارين تحت إشراف معلم متمرن.
* يوغا الطاقة الجسدية ( هاثا يوغا): وهي نوع من فنون معرفة الحياة، يراد بها وضع الجسد تحت الرقابة المستمرة لإيقاظ طاقاته وتنشيط عضلاته النائمة عضلة عضلة، ومنها التحكم في حركات الأعضاء، وخاصة وظائف أعضائه الداخلية كالمعدة والأمعاء والقلب...
0 التعليقات:
إرسال تعليق