الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

الزواج العرفى وتأثيرة على المجتمع

الزواج العُرفي
الزواج العرفي أوهام الزواج والسعادة بين طلبة الجامعات


إن أهمية الموضوع وحيويته من خلال انتشاره بين طلبة الجامعات جعلتنا نخصص له ملفاً خاصاً نتناول فيه بتفصيل اكثر وأعمق هذا النوع الذي اتضح انه واسع الانتشار لدى الشباب الذين يعتقدون انه صحيح شرعاً على خلفية إن أيام الإسلام الأولى لم يعرف التوثيق وكان يكتفي بحضور شاهدين لصحة الزواج، وواضح تماماً حالة اللبس في الفهم وعدم التزام القواعد الشرعية في التعاملات والأخذ بظواهر الأمور دون فهم أو وعى، لذا رأينا أنه من المهم هنا أن نعرض معنى الزواج العرفي بداية من تعريفه اللغوي وعرض للنوعين من الزواج العرفي المعلن والسري وحكم كل منهما شرعاً إزالة لآي التباس أو التذرع بحجج واهية الإسلام منها بريء وليلتزم بعد ذلك كطائر بما في عنقه.


أولاً: تعريف "العرفي" لغة:

" العرفي " منسوب إلى العرف، والعرف في لغة العرب "العلم" تقول العرب عرفه يعرفه عرفة وعرفاناً ومعرفة واعترفا وعرفه الأمر: أعلمه إياه، وعرفه بيته: أعلمه بمكانه.

والتعريف : الإعلان، وتعارف القوم، عرف بعضهم بعضا، والمعروف ضد المنكر، والعرف:

ضد النكر".

والصحيح أنه لا يعرف الشيء بما هو أعم منه، قال الراغب: المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، وهو أخص من العلم، ويضاده الإنكار ويقال: فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله؟ متعدياً إلى مفعول واحد لما كان معرفة البشر لله هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: الله سبحانه يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا.


ثانيا: تعريف "العرف" اصطلاحا:

يعرف عبد الوهاب خلاف (العرف): فيقول " هو ما تعارف عليه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ".

وهو قريب من تعريف الدكتور عبد العزيز الخياط، حيث يقول: "العرف اعتاده الناس، وساروا عليه في شؤون حياتهم".


ثالثاً: تعريف "الزواج العرفي:

عرفته مجلة البحوث الفقهية المعاصرة باعتباره علما على الزواج فقالت: "هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبة أو غير مكتوب ".

ويعرفه الدكتور عبد الفتاح عمرو فيقول: "هو عقد مستكمل لشروطه الشرعية إلا أنه لم يوثق، أي بدون وثيقة رسمية كانت أو عرفية".

ويعرفه الدكتور محمد فؤاد شاكر فيقول: "هو زواج يتم بين رجل وامرأة قد يكون قولياً مشتملا على إظهار الإيجاب والقبول بينهما في مجلس واحد وبشهادة الشهود وبولي وبصداق معلوم بينهما ولكن في الغالب يتم بدون إعلان، وإجراء العقد بهذه الطريقة صحيح ".

ويعرفه الدكتور محمد عقله فيقول عن العقد في هذا الزواج (يتم العقد- الإيجاب والقبول- بين الرجل والمرأة مباشرة مع حضور شاهدين ودونما حاجة إلى أن يجرى بحضور المأذون الشرعي أو من يمثل القاضي أو الجهات الدينية... والزواج المدني - أو العرفي- بهذا المعنى لا يتنافى والشريعة الإسلامية لأنه في الأصل عبارة عن إيجاب وقبول بين عاقدين بحضور شاهدين ولا تتوقف صحته شرعا على حضور طرف ديني مسؤول أو على توثيق العقد وتسجيله.

رابعاً: السبب في تسمية هذا الزواج بالعرفي:

مما سبق يتضح أن تسمية هذا الزواج بالزواج العرفي، يدل على أن هذا العقد اكتسب مسماه من كونه عرفاً اعتاد عليه أفراد المجتمع المسلم منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، وما بعد ذلك من مراحل متعاقبة.

"فلم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يعني إليهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم إليه. فصار عرفاً عُرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات".

ولذلك يقول ابن تيمية: "ولا يفتقر تزويج الولي المرأة إلى حاكم باتفاق العلماء".

أما بالنسبة للتوثيق فإن ذلك لا يحدث خللاً في العقد، لأن الفقهاء جميعاً عندما عرفوا عقد الزواج لم يذكروا فيه التوثيق ولا الكتابة، حتى الفقهاء المحدثون والقضاة. فيقول القاضي الشرعي بمصر حامد عبد الحليم الشريف: "ولأن الزواج عقد رضائي، وليس من العقود الشكلية التي يستلزم لها التوثيق، فالتوثيق غير لازم، لشرعية الزواج أو صحته أو نفاذه أو لزومه. والقانون لم يشترط لصحة الزواج سوى الإشهاد، والإشهاد فقط ولم يستلزم التوثيق، ولا يشترطه إلا في حالة واحدة فقط وهي سماع دعوى الإنكار، أما في حالة الإقرار فلا يشترط التوثيق".

وإن كان التوثيق مهما جدا في هذه الأيام لضمان الحقوق، ولما شاع بين الناس من فساد الأخلاق وخراب الذمم.

النوع المنتشر الآن من الزواج العرفي


إن الزواج العرفي بالعرض السابق لم يعد موجوداً الآن، على حين يرى البعض إن الموقف في صدر الإسلام كان يكتفي بشهود شاهدين فقط تناسوا الأمر الأكثر أهمية وهو أن الأمر في صدر الإسلام لم يكن ليحتاج إلى توثيق لقلة العدد وان الزواج كان يتم بالمسجد ويعلم به الكافة.

ولم تحدث آية حاله إنكار نسب أو تهرب من مسئولية منزل أو زوجة أو نفقة أما التطبيق الحالي فلا تتوفر فيه اياً من هذه الشروط وعليه لا يجوز مطلقاً المقارنة بين ما كان يحدث في القدم والهرج الذي يعيشه الآن طلبة الجامعات.


لقد أمر الله سبحانه في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء ، فقال تعالى في سورة النساء : وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25).

وقال جل شأنه في سورة المائدة : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)، فأمر بالولي والشهود والمهر والعقد، والإعلان، وشرع فيه الضرب بالدف والوليمة الموجبة لشهرته .


لا نكاح إلا بولي و ليس للمرأة أن تنفرد بتزويج نفسها من دون رأي أهلها، وليس لولي المرأة أن يتولى إتمام العقد وإنجازه دون استشارتها ، فالإسلام يتوسط في ذلك، فيحرص على المشاركة بين المرأة ووليها وأهلها، فللمرأة أن تعرب عن رغبتها ولا تكره على الزواج أبداً، وولي المرأة يتولى إبرام العقد وإتمامه بعد إذنها، وبذلك لا يستقل أي منهما بالعقد، فالمرأة لا تنفرد بتزويج نفسها دون أهلها، ولا وليها ينفرد بتزويجها دون رأيها، وليس في هذا حجر على حرية المرأة في الاختيار، ولكنه حرص على تحقيق الاطمئنان الكامل في الحياة الزوجية وضمان المشاركة والمصاهرة بين أسرتين بعلائق قوية ودية يشهدها ويباركها .


والزواج ليس علاقة بين الرجل والمرأة تنشأ في فراغ اجتماعي، ولكنه علاقة بين أسرتين وعائلتين قائمة بالمودة والرحمة والتناصر، فيكون منع المرأة من الاستقلال بالعقد رعاية لحق أسرتها في أن تكون العلاقة الزوجية سببـًا في توطيد أواصر المودة بين أسرة الرجل وأسرة المرأة، ويضاف إلى هذا أن النصوص عن الكتاب والسنة لا تدل قطعًا على حق المرأة في الاستقلال بالعقد ، إن من تكريم الإسلام للمرأة منحها حقها في اختيار زوجها ، ولكن ليس ذلك في السر أو من وراء أسرتها، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين كيف تكون المشاركة في الاختيار، ومن ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن] قالوا : يا رسول الله ! وكيف إذنها ؟ قال : [أن تسكت] .

وإذا رفضت المرأة رجلاً فليس لوليها أن يكرهها على الزواج منه لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : [الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها] وليس معنى أنها أحق بنفسها أن وليها لا حق له، بل له حق، ولكنها أحق عند المفاضلة إذا تعارضا بالقبول والرفض .


وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم .

والسنة تبيّن أن النكاح بلا ولي باطل قطعـًا، ومن ذلك ما رواه إبن حيَّان والحاكم وصححاه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [لا نكاح إلا بولي] وروى إبن حيَّان والحاكم أيضـًا وغيرهما عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ‏قال ‏‏ أيما امرأة نكحت بغير إذن ‏ ‏وليها ‏‏ فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ‏ ‏ولي ‏من لا‏ ‏ولي ‏ ‏له .

ومنه أيضًا ما روه ابن ماجه والدار قطني بإسناد رجاله ثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها] وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال : "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان" .

الإشهاد والإعلان


الغرض من الإشهاد في الزواج هو الإشهار، فإذا اتفق من يريدان الزواج مع الشهود على كتمان أمر زواجهما يقضي ذلك على العقد بعدم الصحة، لأن كتمان الزواج قام مقام عدة الشهادة، أو ألغى الهدف منها .



وأوجب الإسلام إعلان النكاح، وندب إلى إشهاره بالضرب على الدفوف وإظهار الفرح والسرور، والاحتفال به ومشاركة كل من أسرتي الزوج والزوجة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف ] .


ومن الأحاديث التي تنص على وجوب الإعلان كذلك ما رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أعلنوا النكاح ] ، وما رواه الترمذي والنسائي وإبن ماجه عن محمد بن حاطب الجمحي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح ] .


ويفرّق الإمام ابن القيم بين الزواج الشرعي والزوج الباطل بقوله "وشَرَط في النكاح شروطـًا زائدة على مجرد العقد، فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها، كاشتراط إعلانه، إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما معـًا، واشترط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وأوجب فيه المهر، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي صلى الله عليه وسلم وسر ذلك : أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، كما في الأثر: "المرأة لا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، فإنه لا تساء زانية تقول : زوجتك نفسي بكذا سراً من وليها، بغير شهود ولا إعلان، ولا وليمة، ولا دف، ولا صوت، إلا فعلت، ومعلوم قطعًا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها: أنكحتك نفسي، أو زوجتك نفسي، أو أبحتك مني كذا وكذا، فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمورعليها وعلى الرجل، فعظم الشارع أمر هذا العقد، وسد الذريعة إلى مشابهة الزنى بكل طريق.

عقد مؤقت وزنى مقنع


و قد يتفق الطرفان في هذا النكاح وقت إبرامه على أنه مؤقت إلى حين أن يتيسر للرجل التقدم لأهل المرأة، وليتم الزواج رسميًا بمعرفتهم، وبهذا تعد نية الزواج الأول مؤقتة، وكثيراً ما يعرض للطرفين عارض يحول دون نية الإعلان الرسمي للزواج مستقبلاً، فلا يتقدم الرجل للمرأة . وكثير من الشباب المخادع استغل جهل البنات وهو لا يقصد زواجًا، ولا هو في
نيته بل يريد أن يعقد عقداً لا يقصده ليتمكن من الاستمتاع بالفتيات دون أن يتحمل مسؤوليات الزواج الشرعي، وهذا نكاح لا يقع لأنه ليس مقصوداً ولا معقوداً في النية مثل نكاح المحلل حيث المحلل عقد عقداً لا يقصده ولا ينتويه حقيقة لذا حكم الشرع ببطلانه .


بل إن هذا الزواج طريقة خفية يتوصل بها إلى ما هو محرم في نفسه، وهو الزنى ولأن المقصود بها محرم باتفاق المسلمين، فهي حرام كذلك، وسالكها فاجر ظالم آثم، وكونه يسعى إلى ذلك متخفيًا مخاتلاً أشد ظلمًا وإثمًا، فشره يصل إلى الأسر الآمنة، ويضر الأعراض المصونة من حيث لا تشعر، ولا يمكن الاحتراز عنه وهذا النكاح الغريب لم يعرفه العرب في الجاهلية لأنهم كانوا أهل نخوة ورجولة، ولم يشرع في الإسلام ولا وجود له في حياة المسلمين، ولم نر قبل اليوم أناسًا يسعون للزواج سراً وخفية، بل يطلب الناس الزواج إعلانًا وإشهاراً، واجتماعًا ومصاهرة، ولا نظن أحداً يرضى هذا النكاح لا أخته، أو لإبنته ولا حتى لإبنه، لأنه خروج على الفطرة السليمة، ومقاصد الاجتماع الإنساني، ومحادة للدين والأخلاق القويمة، بل هو مكر وخداع واستهزاء بآيات الله، ولعب بالشريعة، وتحليل للمحرمات، وانتهاك للمحرمات يأباه العقلاء، ومن البيّن أن الإسلام بريء من كل هذه المحدثات، ولأننا نرى كثيراً من الشباب والشابات يقعون في هذه الشراك المنصوبة، لذا كان واجبًا أن يبذل الدعاة والمربون والعلماء جهودهم لبيان وجه الحق، وللإنكار على المجترئين والمخادعين والضالين، ولمعالجة الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة .

حكم الزواج العرفي



أولاً: تعريف نكاح المتعة لغة :

إذا كان النكاح العرفي قد تم بإيجاب من الولي وقبول من الزوج، وشهد عليه شاهدان على الأقل وجرى الإعلان عنه، فهذا زواج شرعي صحيح، وإن لم يسجل في الدوائر الحكومية الرسمية، وإن لم تصدر به وثيقة رسمية. وبهذا أفتى كل العلماء الذين سئلوا عن هذا الزواج بهذه الكيفية.

ومن هؤلاء العلماء فضيلة الشيخ حسنين مخلوف حين سئل عن حكم الزواج من غير توثيق فقال: "عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية تحل به المعاشرة بين الزوجين، وليس من شرائطه الشرعية إثباته كتابة في وثيقة رسمية، ولا غير رسمية، وإنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص، نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية، خشية الجحود وحفظاً للحقوق، وحذرت من مخالفته، لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود".

والذي يتضح في هذه المسألة أن: عقد الزواج في الشريعة الإسلامية يتم بألفاظ مخصوصة تتضمن الإيجاب والقبول، فإذا تحققت هذه الألفاظ مع بقية الأركان والشروط الأخرى، كتعيين الزوجين في العقد، وتوافر رضاهما، وتعيين الصداق، ومع وجود الولي والشهود، وخلوه من الموانع الشرعية، فقد انعقد الزواج. وقد اكتفى المسلمون في سابق عصرهم بتوثيق الزواج بالشهادة، ومع تطور الحياة وتغير الأحوال، وما يطرأ على الشهود من العوارض نص العديد من القانونيين على إلزام الزوجين بتوثيق عقدهما كتابة.

وقد نشأ إلى جانب هذا في بعض البلدان ما يسمى (الزواج العرفي) أو غير الموثق بوثيقة رسمية.
ويعد هذا الزواج صحيحاً لتوافر أركانه الشرعية ولا يختلف عن الزواج الرسمي إلا من حيث التوثيق كتابة، وقد ساعد على وجود هذا النوع من الزواج عدة عوامل:

منها رغبة الزوج في إخفاء زواجه إن كان متزوجاً من زوجة أخرى. ومنها ما يتطلبه توثيق الزواج من قيود وأعباء مالية، ولكن هذا الزواج لا يخلو من مشكلات أهمها:

صعوبة الإثبات في حال الخلاف وخاصة في مسألة الميراث وذلك إما لغفلة الشهود وإما لنسيانهم وإما لإنكارهم.

ولذلك فإن الأحوط والأسلم توثيق الزواج بوثيقة رسمية ضماناً للحقوق خصوصاً في وقتنا الحاضر الذي كثرت فيه الخصومات والمنازعات وفساد كثير من الذمم.


الرأي الشرعي في الزواج العرفي غير المستوفي للشروط الشرعية "الولي والشهود":

ظاهرة الزواج العرفي التي قد انتشرت فيما بين الشباب والفتيات في المدارس والجامعات ظاهرة قد تستحق الدراسة والاهتمام لتصحيح مفهوم هذا الزواج وما مدى صحته شرعاً خاصة وان الشباب الذين يقدمون عليه يرون انه لم يكن هناك توثيق أيام الإسلام الأولى وكان يكفى الإيجاب والقبول بين الرجل والمرأة وحضور شاهدين وهما ما يقومان به بالضبط، لذا وجب التوضيح تماماً إن ما يحدث الآن باطل شرعاً بل أن البعض يعتبره زنا وما ترتب عليه من أبناء هم أبناء غير شرعيين وهو الرأي المتفق عليه لدى جموع الفقهاء، ماعدا رأى لأبو حنيفة سنرده لاحقاً :

# والزواج العرفي سواء كان محرراً في ورقة أم تم شفاهة لا تسمح الدعاوى الناشئة عنه ومن ثم فإنه لا يرتب لأي الزوجين أياً من الحقوق المترتبة على عقد الزواج الرسمي فلا تجب نفقة الزوجة على زوجها ولا حق له في طاعتها ولا يرث أحدهما الآخر اللهم إلا إذا أقر الزوجان به أمام القضاء ولم يكن محلاً لإنكار وترتب عليه صدور حكم من القضاء بإثباته مع ذلك فحفظاً للأنساب فإنه يثبت به نسب الأولاد بكافة طرق الإثبات وإذا كان الزواج العرفي قد توفرت له شروط الانعقاد الصحيحة فما الذي يمنع من أن يكون على يد الموظف المختص الذي حددته الدولة لذلك (المأذون الشرعي).

# وعند سؤال فضيلة شيخ الأزهر عن رأيه عما يحدث الآن من هوجة الزواج العرفي بين الطلبة والطالبات في غياب الأهل ودون علمهم ؟ أجاب فضيلته. (هذا الزواج باطل طالما الولي "ولي المرآة غير موجود" وهذا الزواج باطل عند الإمام مالك وعند الإمام الشافعي وعند الإمام أحمد بن حنبل أما الإمام أبي حنيفة يجيزه في حالة واحدة ، حيث يرى أنه يجوز للمرآة أن تزوج نفسها دون ولي بشرط أن تزوج نفسها من كفء لها. فإذا لم يكن كفؤاً لها فمن حق وليها أن يرفع الأمر إلى القضاء للفصل بين الزوجين وإلغاء هذا الزواج الباطل وهذه الطريقة التي تحدث في الجامعة بين صغار السن من الشباب تعتبر باطلة) ويتأكد تطلب الكفاءة في الزواج من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوجن إلا من الأكفاء" وأشترط الكفاءة في الزواج يهدف منه الإسلام إلى إقامة الزواج على أسس قوية من التوافق والرضا.

# الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق يرى أن "الزواج العرفي" حرام، حتى إذا كان مستوفيًا الأركان، فعدم التوثيق يعرض حقوق المرأة للضياع، أما إذا افتقد الزواج أحد أركانه فإنه لا يعد زواجًا. واتفق معه في هذا الرأي كل من فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، د.عبد المعطي بيومي أستاذ التفسير بالأزهر.

الزواج العرفي

من اخطر المشاكل على المجتمعات العربية



إن انتشار ظاهرة الزواج العرفي وخاصة بين الشباب الجامعي من الجنسين .. ظاهرة هي بحق من أخطر الظواهر التي من شأنها تدمير أواصل هذه الأمة وتخريج أجيال ممن لا يعرفون لهم أباً أو أماً هي أجيال تعد من اللقطاء... فهذا النوع من الزواج لا يحقق مقاصده الاجتماعية والإنسانية من تحقيق الآلف بين أسرتين يتحقق فيهما قول الله تعالى في سورة الروم:وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) فهذا النوع من الزواج غير معروف لأسرة الولد أو البنت وليس فيه نفقة ملزمة ولا كسوة ول اسكن ولا رحمة لان كل منهما يحرص على كتمان الأمر وإخفاء الزواج ...وعليه يتملكهما دائماً الشعور بألأثم والخوف من المستقبل والقلق والاضطراب وهو ما يدفع أبواباً للفساد لانهاية لها وعواقبه الحسرة والندامة وهذه بعضاً من الآثار السلبية لزواج العرفي " سواء كان سرياً أو معروفاً ":


الآثار السيئة المترتبة على الزواج العرفي :

1) ضياع حقوق الزوجة حيث إن دعواها بأي حق من حقوق الزوجية لا قيمة لها أمام القضاء لعدم وجود وثيقة الزواج الرسمية.

2) أن الزوجة قد تبقى معلقة لا تستطيع الزواج بأخر ـ إذا تركها من تزوجها عرفياً دون أن يطلقها وانقطعت أخباره عنها أو أصابته أي حاله عصبية أو نفسية فقد فيها قدرته العقلية .

3) أن الأولاد الذين يأتون نتيجة للزواج العرفي قد يتعرضون لكثير من المتاعب التي قد تؤدى بهم إلى الضياع والتمزق داخل مجتمعهم بل وقد ينكر نسبهم.

4) بما أن الأصل في الزواج الإشهار والإعلان ومن ثم تبادل التهاني والتعارف بين أهل وأقارب الزوجين ( بعض الفقهاء عدوه شرطاً من شروط صحة عقد الزواج ) وحيث أن الزواج العرفي يتم في سرية وكتمان يترتب عليه انقطاع أواصل المودة والتقارب بين أهل الزوجين.

5) ماذا لو تقدم شاب يريد الزواج ممن تزوجت عرفياً .. ماذا سوف يكون موقفها أمام أهلها وأمام أهل من تقدم للزواج بها وماذا ستقول لهم.

6) إن ما يسمى بالزواج العرفي أحياناً يكون الغرض منه هو التحايل والتلاعب على القوانين كأن يقصد منه الحصول على منافع مادية غير مشروعة مثل حصول الزوجة المتزوجة عرفياً على معاش ليس من حقها لو تزوجت زواجاً رسمياً... وهو ما يرفضه الضمير والأمانة .


لكل هذه الأسباب وغيرها ننصح كل شاب وكل فتاة بالابتعاد عن الانصياع لهذه الظاهرة المحكوم عليها بالفشل والسقوط في دهاليز وسراديب الضياع والتمزق والهلاك فمما لا شك فيه أن العقلاء من الناس هم الذين يسلكون في كل شئونهم ـ ولا سيما الزواج ـ الطريق السليم الذي دعت إليه القوانين المعمول بها والتي تؤيدها شريعة الإسلام.



وعليه فأن الزواج العرفي بهذا الشكل لا يحقق مفهوم الزواج المتعارف عليه والذي هو نظام اجتماعي كامل تبنى عليه أسرة جديدة في إطار النظم الاجتماعية المتعارف عليها في المجتمعات والديانات 00 فهو وسيلة لتحقيق أهداف المجتمع في التعارف والتزاوج وتوثيق الصلات ومقاصد الشرع في إيجاد السكن والمودة في الأسرة وبالتالي في المجتمع...وعليه يعد الزواج العرفي المنتشر حالياً في هذه الأيام بين طلبة المدارس والجامعات بدون أية ضوابط أو معايير أو احترام لأية تقاليد أو قيم دينية زواج باطل لا يحقق مقاصد الشرع المعلنة والمعروفة شرعاً وهى أعمار الأرض وعبادة الله وتلبية الاحتياجات النفسية والجسدية بما يحقق الصون والعفاف والإحسان والمودة.

قصص واقعية في الزواج العرفي





بأمر المحكمة: زواج "المدرس" من "تلميذته".. باطل.. باطل!

إحدى القصص الواقعية التي تم فيها التحايل على كل الأعراف والقيم والشرائع السماوية تحت مسمى الزواج العرفي فهذه قصة فتاة قاصر تزوجها مدرسها طمعاً في أموال والدها وعلى الرغم من حكم المحكمة بتطليقها إلا أن المصادر تشير إلى أن المدرس حصل على مبلغ محترم مقابل ذلك فمن يرضى بهذا العبث ؟؟.

قام ولى أمر إحدى التلميذات (15 سنة) برفع دعوى يطالب ببطلان زواجها العرفي من مدرسها، قال الأب إن ابنته قاصر وتعرضت لضغط أدبي ونفسي من مدرسها ووقعت له على ورقة زواج عرفي دون دراية أو وعي بنتيجة فعلتها، أكد الأب ويعمل تاجر أسماك أن المدرس قام بفعلته طمعاً في ثروة ابنته، بينما أكد المدرس أن تلميذته هي التي طلبت منه الزواج هرباً من قسوة والدها واتفقا معاً أن يعلنا زواجهما إذا أصر والدها على عدم استكمال تعليمها وأكد أنه لم يقترب من تلميذته وأن زواجهما على الورق فقط.

قضت المحكمة ببطلان عقد الزواج لأنه خالي من توقيع الولي الشرعي عن الزوجة القاصر.



كما يوجد العديد من الحالات الواقعية الأخرى التي انخدعت بزيف ورقة الزواج العرفي أو غيره من الأنواع الأخرى من العلاقات السرية المحرمة تحت مسمى زواج يمكنكم قراءتها في الملف الأول من هذه السلسلة التي بدأناها بالزواج السري .



وبعد هذه الحالات رأينا انه من الضروري أن نعرض رأى الشباب من الذكور في هذا الموضوع حتى تكتمل الصورة لكل فتاة وبكل صدق سوف انقل رأى الشباب ولكن بصورة موجزة في عبارات قصيرة.

# أ.ع .... كل الفتيات خائنات وهم الذين يريدون هذه العلاقة تحت مسمى الزواج العرفي أو غيره وهم الذين يسعون إليه ولن أتزوج أي واحدة من هؤلاء.

# أ.م .... كل شئ يحدث بين الشاب والفتاة يكون برضاها التام وهى التي تكون الساعية لذلك فهي التي تتحكم في العلاقة وفي وضع "limit",وهن " يتمنعن وهن الراغبات".

# ب.ش .... أصبحت الفتيات الآن في انحلال تام فهم الذين يسعون إلى التعرف بنا ويلبسون ملابس خليعة لإثارتنا وليس فقط للموضة ولكن ما المانع في كل هذا فنحن المستفيدين ولا تظن أن أي فتاة مخدوعة فالفتيات الآن تعرف كل شيء.

# أ.س .... أنا لا اغفر للفتاة التي سوف احبها أي علاقة قبلي.

# م.ع .... الفتاة المحترمة لا تقبل العلاقة الجنسية من اجل أي أحد حتى ولو كان هو من تحبه فمن عنده قيم يتمسك بها ويجبر الآخرين عليها مهما حدث.

# و.م .... كل ما أراه في الشارع ينعكس على أخواتي البنات فهم تقريباً لا يروا الشارع إلا مع أحد أفراد العائلة وأنا لا أثق في أي امرأة وكما ذكر "إن كيدهن عظيم".

# أ.ف .... الفتيات يردن أن يتشبهن بالعالم الغربي حرية بلا حدود ولكن ينسوا أننا مهما فعلت بنا العولمه ومهما كان يتميز مظهرنا بالعصرية فما زال عقلنا عقل "سي السيد" وهن الخاسرات فنحن لا نخسر شيء أبداً.


مستعدة للزواج مرة ثالثة من أجل سيارة جديدة
الزواج العرفي في سوريا.. بين "البزنس"و"نزوات الأثرياء"

لا توجد إحصائيات رسمية ترصد حجم ظاهرة الزواج العرفي في سوريا، لكن أحد المحامين المختصين بالقضايا الشرعية يقول إنه مقابل كل ألف زواج نظامي يجري في المحاكم الشرعية يتم تثبيت خمسمائة عقد زواج جرى إبرامه بعقد عرفي، مما يعني أن ثلث حالات الزواج في سوريا تتم أولاً بعقد عرفي، لكن هذه النسبة من حالات الزواج العرفي التي يتم تثبيتها قانونياً هي الحالات السوية، أما الحالات الأخرى فهي على الأغلب غير سوية، واللافت للانتباه هو شيوع الزواج العرفي (السري) بين أوساط الشباب.

ويعزو بعض الخبراء الاجتماعيين انتشار هذه الحالات من الزواج لغلاء المهور وارتفاع تكاليف معيشة الحياة، كما أن بعض الأثرياء يفضلون هذا الزواج السري للأسباب اجتماعية تتعلق بمراكزهم الاجتماعية ولكي لا يؤثر على سمعتهم في عالم الأعمال، وبعض الفتيات يرين في هذا الزواج نوعا من "البزنس" الذي يؤمن لهم حياة مناسبة ولذلك يبدين استعدادا لتكرار التجربة أكثر من مرة.

وتقول فاديه ع (24 سنة) أنها تركت المدرسة قبل أن تحصل على الثانوية، واضطرت للعمل كبائعة في أحد محلات (النوفوتيه) وشاء قدرها أن يرسلها صاحب المحل إلى تاجر كبير كي تستلم البضاعة الجديدة لكن التاجر (م) ما إن وقعت عيناه عليها حتى وقعت في نفسه وقلبه، وأصابت هوى! فقرر الحصول عليها مهما كلفه الأمر، بحسب جريدة "الاتحاد" الإماراتية التي أوردت التقرير.



"كتاب براني"

ويبلغ التاجر(م) من العمر (57) عاماً، وهو من أسرة معروفة، ولديه زوجة تصغره بعشرين عاماً، وعنده ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين (16 و20) عاماً وبنت واحدة في الرابعة عشرة، وهو يسكن في أرقى أحياء دمشق، وقد قرر الرجل أن يحصل على فاديه بأي ثمن. وهكذا بدأ رحلة الالتفاف عليها ومحاصرتها، بدأ خطوته الأولى بزيارتها في المحل، بحجة أنه كان ماراً من هناك، ثم همس في أذنها أن تحضر إلى مقر الشركة لأمر هام، وحين وافته إليه سألها كم يدفع لك معلمك من أجر. أجابت: ستة آلاف ليرة. فرد على الفور: أنا سأدفع لك عشرة آلاف، و تعملين هنا سكرتيرة! فوافقت على الفور.

ولم تمض أيام حتى قدم لها عرضه مباشرة: اسمعي يا بنت الحلال، أنا أريدك زوجة على سنة الله ورسوله، لكن وضعي الاجتماعي وزوجتي وأولادي وبنتي لا يسمحون لي بإعلان هكذا زواج. لذلك سيكون الزواج عرفياً ''كتاب براني'' بعقد وشهود، وسأخصص لك شقة لم تحلمي بها بعمرك! وقبل أن تطلب منه مهلة للتفكير قدم لها أسواره وعقداً، وسألت: ولكن ألن تخطبني من أهلي. فأجاب: والدك الله يرحمه، وأمك لا تمانع، لكني لا أريد أن يعلم أقاربك بالأمر، لأن كل سر عرفه أكثر من اثنين شاع بين الناس، وأنا أريد الأمر سراً.

عاشت فاديه مع (م) وكان يحضر إلى بيت الزوجية السري في النهار فقط، وبشكل غير منتظم، أما الليل فقد كان يمضيه مع أسرته الأصلية، وبعد مرور سنة وبعض السنة بدأ الفتور يسود العلاقة ومع إلحاحها على الإنجاب ورفضه القاطع لذلك، تحول الفتور إلى نفور ثم فوجئت به بعد مشادة بينهما يخرج عقد الزواج العرفي ويمزقه، ويشهر الطلاق عليها، مذكراً إياها أن عقد إيجار المنزل ينتهي بعد شهرين، وعليها أن تتدبر أمرها بعد ذلك، وأسقط في يدها، فقد كانت تظن أن الشقة من ضمن أملاكه، وهكذا وجدت نفسها (مطلقة) تعود إلى منزل أمها، بتعويض مالي تفضل به عليها (م) دفعاً للمشاكل والخلافات.

وتعتبر حكاية فاديه نموذج للفتيات اللواتي يقعن ضحية نزوات الكهول الأثرياء خاصة في سوريا، وربما كان حال غيرها أفضل، لأنهن يحصلن في النهاية على الاعتراف بزواجهن قانونياً، لكنهن يتسلمن في الوقت ذاته ورقة الطلاق! وهذا ما حصل مع سميرة (27) عاماً خريجة كلية الآداب، فقد تزوجت عرفياً من رجل في منتصف الأربعينيات، وهو متزوج ولديه خمسة أولاد، وقد منعها من الحمل، وأصر على سرية الزواج، وحين تفاقمت الخلافات بينهما كلف محامياً بتسوية الأمر، فعقد الأخير اتفاقاً معها بأن يتم تثبيت الزواج أمام المحكمة على أن يترافق مع إعلان الطلاق في الوقت نفسه، وذلك لقاء حصولها على مبلغ مالي معين، على أن تنسى الأمر، وتنسى أنها كانت متزوجة من (أحمد).


الامتناع عن الحمل

بعض الفتيات اللواتي تعرضن لتجربة الزواج العرفي ثم الطلاق وجدن في هذه التجربة لعبة يمكن ممارستها للحصول على مغانم مالية ومادية كسيارة أو شقة أو مبلغ مالي يؤمن حياتهن! فأصبحن على استعداد للقبول بالزواج العرفي من أي طالب زواج، شريطة أن يكون ثرياً، ومستعداً للدفع المسبق وتقديم الضمانات.


وهدى من هؤلاء الفتيات، تزوجت عرفياً لأول مرة من ثري عربي أغرقها بالهدايا والشيكات ومهر كبير، وجعلها تعيش ليالي ألف ليلة وليلة لكن لمدة شهر فقط، وفي نهايته أعلن أنه عائد إلى بلده، وألقى عليها يمين الطلاق، ومزق عقد الزواج العرفي وودعها بود. بعد ذلك عرض عليها تاجر في الأربعينيات من عمره الزواج عرفياً أيضاً، فقبلت مقابل أن يشتري لها شقة سكنية وأن يقدم لها مهراً دسماً فقبل الرجل شريطة أن يظل الزواج سرياً، وأن تمتنع عن الحمل، وأن تتخذ كل الاحتياطات اللازمة كي لا يحدث ذلك، وقبلت هي الشروط.

بعد شهرين من هذا الزواج بدأت تحلم بحياة زوجية مستقرة وبالإنجاب وبإشهار زواجها.

وراحت تحدث (خالد) زوجها العرفي بالأمر، فأبدى تذمره من مخالفتها للاتفاق، وبدأ الشجار يدب بينهما، ثم ما لبثا أن افترقا. ألقى خالد يمين الطلاق وخرج ولم يعد، وهدى تقول لنا: إنها ليست نادمة على هذا الطلاق! بل تذهب أبعد من ذلك وتقول لنا بغير حرج: إنها مستعدة للزواج العرفي مرة ثالثة إذا كان هناك شهود وعقد، ليكون شرعياً(!) وإن من حقها أن تؤمن حقوقها المالية، وهي تحلم الآن بسيارة جديدة.



أما هيام فقد تزوجت عرفياً من مواطن عربي لقاء مهر كبير، لكنها لم تلتزم باتفاقها مع الزوج العرفي، فحملت، مما جعله يطلقها، ويذهب بعيداً، وحين أنجبت لم يكن لديها أية وثيقة تثبت أنها متزوجة، ولم تتمكن من إثبات نسب ولدها إلى أبيه، وأبدت حزنها من المأزق الذي تعيشه جراء عدم قدرتها على تثبيت زواجها شرعياً وقانونياً، ثم ـ وهنا المشكلة الكبيرة ـ عدم قدرتها على تثبيت نسب ولدها إلى أبيه، وكل ما استطاعت هيام تقديمه للمحكمة هو شهادة أشخاص أقروا أن المذكور كان يتردد إلى منزلها، وهذه الشهادات لا تكفي لإثبات حالة زواج وحمل، والطفل لا يزال حتى الآن دون نسب.


بين شباب الجامعة

ظاهرة الزواج العرفي المنتشرة بين شباب الجامعات هذه الأيام هي التي تلفت النظر، وتعترف لنا (رنا) الطالبة في السنة الثالثة من كلية الآداب (24) سنة أنها متزوجة ممن تحب، وهو زميلها في الكلية، ويعمل في إحدى الدوائر الحكومية، لكنها تسكن في المدينة الجامعية، بينما يعيش هو في غرفة مستأجرة مع زملائه، وهما يحتالان كي يختليا ببعضهما مرة أو مرتين في الأسبوع، وحين سألتها عن ضرورات هذا الزواج، أجابت: ولماذا الانتظار؟! إننا نحب بعضنا جداً، فلماذا ننتظر سنوات حتى يتخرج من الجامعة، ثم قد يوافق الأهل أو لا يوافقون، وقد يطلبون مهراً مرتفعاً ومسكناً للزوجية، وهذا شرط مستحيل بالنسبة لظرفه وظرفي. لذا اخترنا أن نختصر المسافة وأن نكف عن الانتظار والعذاب! قلت لـ (رنا)، ولكن هل أنت واثقة من استمرارية هذا الزواج الغريب؟. أجابت: ولماذا لا يستمر؟. ولنفترض أنه لظروف ما سيفشل، فما هي الخسارة في ذلك؟.

ومن الملاحظ أن في إجابات (رنا) نوعاً من اللامبالاة وعدم تقدير العواقب،، وعندما سؤالها: " وماذا لو حصل الحمل؟ "، قالت إنها تتخذ كل الاحتياطات، ولو حدث ذلك فستقوم بالإجهاض.

وتعترف رنا أنها تحيط زواجها من زميلها بسرية كاملة، فلا أهلها ولا أهله يعلمون، كما أن قلة محدودة من زملائهما تعلم بالأمر عن علاقتهما كحالة حب وليس زواجاً.


ويعبر (طارق) عن عدم اكتراثه بالتقاليد والأعراف، ويقول إنه يريد أن يعيش حياته حسب العصر، وإذا كان الأمر يتطلب ورقة زواج عرفي، فقد كتبها، لكنها لا تعني له شيئاً، لأن الأساس عنده أنه يعيش حياته مع من يحب، ولو كانا لا يسكنان معاً اضطراراً.



كان الله في عون المجتمع وعلى الفتيات والشباب اليقظة والتزام قواعد الشرع والآداب العامة في علاقاتهم الجامعية ومعرفة إن الزواج علاقة مقدسة ينبني عليها مجتمع وجيل وليس مجرد ورقة تافهة توضع في يد من هم اتفه منها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Bookmark and Share

أقسام المدونة

2015 (1) أبراج (44) اتصالات (113) أحياء (1) اخبار (136) اخطاء (1) ادسنس (2) ادعيه (7) أزواق (1) إستخراج (1) إسرائيل (7) اسرار (1) أعشاب (19) أعياد (1) أغانى (7) أفريقيا (1) أفكار (2) أفلام (4) إقتصاد (19) الأردن (2) الأرض (12) الاسره (1) الأطفال (33) الإلكترونيه (3) الألوان (1) الأنبياء (1) البحرين (1) البشرة الدهنيه (1) البيئة (14) الترتيب (1) الجزائر (2) الجن (1) الربح (7) الرجل (40) الرسول (12) الزواج وأنواعه (31) السعوديه (10) الشبكة (9) الشعر (30) الشمس (6) الشوربات (19) الشيطان (2) الصيف (1) الصين (2) ألعاب (3) العالم (19) العراق (3) العنكبوتيه (1) الفراسه (6) القمر (4) القنوات الأجنبية (3) الكويت (1) الله (20) ألمانيا (2) المرأه (96) المغرب (2) المنصورة (2) الهجرة (7) الهند (2) الهيدروجين (1) أمثال (1) أمراض_الجسم​ (1) أمريكا (10) إنجلترا (1) أوراكل (4) أوروبا (1) إيران (2) إيميلات (5) باكستان (1) بترول (1) بحث (4) برامج (29) برمجة (6) بريطانيا (2) بسكلته (5) بشرتك (10) بطاقات (1) بناء (1) بنوك (2) بورصة (23) تاريخ (45) تحب (3) تحضير (1) تخسيس​ (1) ترددات (15) تركيا (1) تركيب (1) تساقط (8) تطوير المواقع (29) تعريفات (16) تعليم (43) تفاحة​ (1) تفاحة_فى_اليوم​ (1) تكنولوجيا (44) تلوث (3) توقعات (12) تونس (1) تونس. سفارات (1) ثورة (1) جمال (4) جوال (1) جوجل (19) حذف الباتش (1) حساسية (2) حشرات (1) حقائق (1) حقيقه ام خيال (23) حقيقه_وخيال​ (1) حكم (1) حيوانات (5) خضروات (8) خلق (2) دبى (2) دليل (2) دورات أمن المعلومات (19) دورة (4) ديكور (1) دين (120) ذهب (2) رسائل (1) رمز (1) رمضان (9) روسيا (3) رياضه (14) زراعه (9) زيادة (1) سامسونج (1) سفارات (5) سلامة (1) سندوتشات (2) سوريا (1) سويسرا (1) سيارة (6) شخصيات (64) شخصيتك (18) شركات (32) شعر (5) شمس (3) صحتك (289) صلصه (5) صناعة (1) صور (11) طائرات (2) طاقة (3) طاقه المستقبل (1) طاقه حره (2) طب (1) طب_ولا_عك​ (1) طيور (18) عسكرى (25) عسل (1) علاج (70) علم البصريات (6) علماء (1) علوم (18) عيد (1) عيون (17) غاز (2) فتاوى (1) فرنسا (2) فضاء (16) فلسطين (12) فلك (12) فليسطين (3) فوائد (10) فواكة (8) فواكة_وخضروات​ (1) فودافون (4) فوركس (3) فيديو (9) فيس بوك (2) قاعدة البيانات (2) قتال (6) قصص (12) قطر (4) قمر العربسات (2) قيام الليل (1) كاريكتير (3) كتب (12) كربوهيردات​ (1) كمال اجسام (1) كمبيوتر (84) كوبا (1) كوريا (1) كيتو​ (1) كيمياء (23) لغة (1) لهجات (1) ليبيا (1) لينكس (2) مجموعة (1) محرك (4) مسجات (1) مشروعات (4) مصر (111) مطبخك (214) معادن (1) معلومات (29) مقاتلات (1) مقالات (31) مكونات (2) منتجات زراعيه (1) مهارات (1) مواقع (61) موبايل (1) موضه (2) مياه (4) نشيد (1) نصائح (8) نظم (6) نكت (8) نوكيا (15) هندسه (5) هواتف (54) وصايا (1) وظائف (9) ويندوز (3) يوتيوب (5) AdSense (4) AdWords (1) call center (2) ebay (2) Egypt (1) HSPA (2) ORACLE (2) qmax (1) search (1) seo (3) Wikipedia (2)

 
;