عصر الاحتلال الفرنسي
1798-1801
كان نظام الحكم الشائع في أوربا حتى أواخر القرن الثامن عشر هو النظام الملكي ، وكان الملوك يحكمون بمقتضى حق مقدس ، حيث يدعون أنهم مفوضون من الله في الحكم وأنهم خلفاؤه في الأرض. ولما قامت الثورة الفرنسية 1789 وأعدمت الملك لويس السادس عشر وأعلنت نظاماً جمهورياً عرف باسم حكومة الإدارة ()؛ تحالف ملوك أوربا ضد فرنسا ، وثد نجح الثوار الفرنسيون في هزيمة معظم الدول الأوربية في سلسلة طويلة من الحروب ، نبغ خلالها قائد عسكري عبقري هو نابليون بونابرت. ولما كانت بريطانيا هي القوة الوحيدة التي استعصت على فرنسا فقد اقترح بونابرت فكرة غزو بريطانيا بشكل غير مباشر عن طريق ضربها في أهم مستعمراتها وهي الهند التي كانت تدر عليها أرباحا كثيرة. ومن هنا أتت فكرة الهجوم على مصر، ليس لأن مصر كانت تتبع بريطانيا بل لأنها تحتل مكانا استرتيجيا مميزا يصل بريطانيا بالهند. وكان غرض بونابرت - وأيدته في ذلك حكومة الإدارة - أن غزو مصر من شأنه أن يحولها إلى مستعمرة فرنسية تمكن فرنسا من أن يكون لها مركز عسكري في جنوب البحر المتوسط تستطيع الانطلاق منه لتهديد الممتلكات البريطانية في الهند.
وبالتالي كان الهدف الرئيس من الحملة العسكرية الفرنسية هدفاً استعمارياً. على أن بونابرت لم يقل ذلك للمصريين بطبيعة الحال، بل حاول إقناعهم - من خلال منشور طبعه في مطبعة عربية أحضرها معه ووزعه على المصريين عندما نزل بقواته في الإسكندرية في 2 يوليو 1798 - بأنه جاء ليخلصهم من حكم المماليك الثقيل (مراد بك وإبراهيم بك)، مضيفاً إلى ذلك ادعاؤه بأنه يكن احتراماً شديداً للإسلام والمسلمين. ولكن المصريين لم يصدقوا تلك الادعاءات بل قاوموا الجيش الفرنسي مقاومة شديدة في المدن وفي الأرياف، في الدلتا وفي الصعيد. وكانت هذه المقاومة من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل هذه الحملة العسكرية. وكان من أهم الأسباب الأخرى التي أدت إلي جلاء الفرنسيين أن الأسطول البريطاني بقيادة الأميرال هوراشيو نلسون نجح في إيقاع هزيمة ثقيلة بالفرنسيين وفي إغراق أسطولهم الراسي في خليج أبي قير في أول أغسطس 1798. ونتيجة لذلك اضطر بونابرت إلى العودة إلى فرنسا تاركاً قيادة القوات الفرنسية للجنرال كليبير، الذي واجه إلى جانب الصعوبات السابقة جيشاً عثمانياً بقيادة الصدر الأعظم سعى لطرد الفرنسيين من مصر؛ فعقد معه صلحاً ينص على جلاء الفرنسيين من مصر وتسليمها للعثمانيين، ولكن هذا الصلح لم يلبث أن نُقض، وكليبير لم يلبث أن قتل ، وتولى قيادة الحملة الجنرال مينو الذي كان قد أعلن إسلامه وسمى نفيه عبد الله وتزوج من سيدة مصرية من رشيد. ولكن مينو واجه إلى مقاومة المصريين تحالفاً عثمانياً بريطانياً مملوكياً أجبره على الرحيل بقواته عن مصر يوم 2 سبتمبر 1801.
ومن أهم ما ميز هذه الغزوة الاستعمارية أنها جاءت ليس فقط بصحبة الجنود والعتاد العسكري بل أيضا بجيش من العلماء الذين كان هدفهم دراسة كافة نواحي الحياة في مصر والخروج بأنسب الطرق لاستعمارها واستغلالها وطريقة التعامل مع أهلها ، كما ساهم هؤلاء في الترويج للدور الحضاري للاحتلال الفرنسي. وبعد رحيل الحملة بأكثر من عشر سنوات تم نشر إنتاج هذا الجيش من العلماء والأدباء والمصورين في كتاب ضخم ضم ثلاثة عشر مجلداً عرف باسم "وصف مصر" Description d’Egypte
المصدر: دار الوثائق القوميه
1798-1801
كان نظام الحكم الشائع في أوربا حتى أواخر القرن الثامن عشر هو النظام الملكي ، وكان الملوك يحكمون بمقتضى حق مقدس ، حيث يدعون أنهم مفوضون من الله في الحكم وأنهم خلفاؤه في الأرض. ولما قامت الثورة الفرنسية 1789 وأعدمت الملك لويس السادس عشر وأعلنت نظاماً جمهورياً عرف باسم حكومة الإدارة ()؛ تحالف ملوك أوربا ضد فرنسا ، وثد نجح الثوار الفرنسيون في هزيمة معظم الدول الأوربية في سلسلة طويلة من الحروب ، نبغ خلالها قائد عسكري عبقري هو نابليون بونابرت. ولما كانت بريطانيا هي القوة الوحيدة التي استعصت على فرنسا فقد اقترح بونابرت فكرة غزو بريطانيا بشكل غير مباشر عن طريق ضربها في أهم مستعمراتها وهي الهند التي كانت تدر عليها أرباحا كثيرة. ومن هنا أتت فكرة الهجوم على مصر، ليس لأن مصر كانت تتبع بريطانيا بل لأنها تحتل مكانا استرتيجيا مميزا يصل بريطانيا بالهند. وكان غرض بونابرت - وأيدته في ذلك حكومة الإدارة - أن غزو مصر من شأنه أن يحولها إلى مستعمرة فرنسية تمكن فرنسا من أن يكون لها مركز عسكري في جنوب البحر المتوسط تستطيع الانطلاق منه لتهديد الممتلكات البريطانية في الهند.
وبالتالي كان الهدف الرئيس من الحملة العسكرية الفرنسية هدفاً استعمارياً. على أن بونابرت لم يقل ذلك للمصريين بطبيعة الحال، بل حاول إقناعهم - من خلال منشور طبعه في مطبعة عربية أحضرها معه ووزعه على المصريين عندما نزل بقواته في الإسكندرية في 2 يوليو 1798 - بأنه جاء ليخلصهم من حكم المماليك الثقيل (مراد بك وإبراهيم بك)، مضيفاً إلى ذلك ادعاؤه بأنه يكن احتراماً شديداً للإسلام والمسلمين. ولكن المصريين لم يصدقوا تلك الادعاءات بل قاوموا الجيش الفرنسي مقاومة شديدة في المدن وفي الأرياف، في الدلتا وفي الصعيد. وكانت هذه المقاومة من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل هذه الحملة العسكرية. وكان من أهم الأسباب الأخرى التي أدت إلي جلاء الفرنسيين أن الأسطول البريطاني بقيادة الأميرال هوراشيو نلسون نجح في إيقاع هزيمة ثقيلة بالفرنسيين وفي إغراق أسطولهم الراسي في خليج أبي قير في أول أغسطس 1798. ونتيجة لذلك اضطر بونابرت إلى العودة إلى فرنسا تاركاً قيادة القوات الفرنسية للجنرال كليبير، الذي واجه إلى جانب الصعوبات السابقة جيشاً عثمانياً بقيادة الصدر الأعظم سعى لطرد الفرنسيين من مصر؛ فعقد معه صلحاً ينص على جلاء الفرنسيين من مصر وتسليمها للعثمانيين، ولكن هذا الصلح لم يلبث أن نُقض، وكليبير لم يلبث أن قتل ، وتولى قيادة الحملة الجنرال مينو الذي كان قد أعلن إسلامه وسمى نفيه عبد الله وتزوج من سيدة مصرية من رشيد. ولكن مينو واجه إلى مقاومة المصريين تحالفاً عثمانياً بريطانياً مملوكياً أجبره على الرحيل بقواته عن مصر يوم 2 سبتمبر 1801.
ومن أهم ما ميز هذه الغزوة الاستعمارية أنها جاءت ليس فقط بصحبة الجنود والعتاد العسكري بل أيضا بجيش من العلماء الذين كان هدفهم دراسة كافة نواحي الحياة في مصر والخروج بأنسب الطرق لاستعمارها واستغلالها وطريقة التعامل مع أهلها ، كما ساهم هؤلاء في الترويج للدور الحضاري للاحتلال الفرنسي. وبعد رحيل الحملة بأكثر من عشر سنوات تم نشر إنتاج هذا الجيش من العلماء والأدباء والمصورين في كتاب ضخم ضم ثلاثة عشر مجلداً عرف باسم "وصف مصر" Description d’Egypte
المصدر: دار الوثائق القوميه
0 التعليقات:
إرسال تعليق