الخديو إسماعيل
1863 – 1879
هو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي، لم يكن مرشحاً لتولي حكم مصر لأن أخيه الأكبر الأمير أحمد فاضل باشا كان هو ولي العهد بحكم كونه الأكبر سناً ، ولكن وفاته المفاجئة عندما غرقت به معدية دمنهور التي كانت تنقل القطار عبر النيل ؛ جعلت إسماعيل هو المرشح لخلافة سعيد ، وقد اهتم سعيد بإسماعيل وأشركه معه في الحكم من خلال عدة مناصب كان أهمها رئاسة مجلس الأحكام.
وعندما تولى إسماعيل الحكم اهتم بتطوير مصر والنهوض بها: فطوَّر النظام القضائي وجعل المجالس القضائية في كل مديرية وفي كل مركز وفي كل قرية، واهتم بالزراعة خاصة القطن وقصب السكر ، كما اهتم بالصناعة وأنشأ العديد من مصانع السكر ، وفي عهده شاركت مصر في معرض لندن للصناعات ، وتقدم إحدى الوثائق كشفاً بجانب من الصناعات الفخارية التي ستشارك بها مصر في المعرض ، كما اهتم بالتجارة وطور المواني والفنارات والأسطول. كما اهتم بالتعليم وأنشأ العديد من المدارس ، واهتم بقناة السويس وسعى إلى تقليص نفوذ الشركة عليها والحد من سلطانها داخل مصر الذي جعلها بمثابة دولة داخل الدولة ، ونظم القاهرة وأعاد تخطيطها وأضاء شوارعها ، وبنى العديد من القصور وأنفق كثيراً من الأموال خاصة في حفلات افتتاح قناة السويس ، كما حسَّن علاقته بالدولة العثمانية وفي عهده زار السلطان العثماني عبد العزيز مصر فكانت أول زيارة لسلطان عثماني لمصر منذ دخلها سليم الأول غازياً سنة 1517.
ومن جانب آخر عمل إسماعيل على إحياء مشروع جده محمد علي بتكوين إمبراطورية كبرى، ولكنه أخذ خطاً مختلفاً عن جده الذي كان يسعى لتكوين تلك الإمبراطورية على حساب أملاك الدولة العثمانية ؛ مما أدى إلى دخوله في حروب ضد السلطان وتدخل الدول الأوربية، ولكن إسماعيل سعى لتكوين إمبراطوريته من خلال التوسع في أعماق القارة الإفريقية التي كانت لا تزال قيد الاكتشاف، واتخذ من محاربة الرقيق ذريعة لذلك وعقد اتفاقاً مع إنجلترا لمحاربة تجار الرقيق، وأصدر أمراً "دكريتو" بمنع بيع العبيد في مصر وملحقاتها. وقد نجح في تكوين إمبراطورية إفريقية مترامية الأطراف شملت مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال وأعالي النيل حتى بحيرة فيكتوريا. كما حاول غزو الحبشة ولكن قواته هزمت فكانت تلك الهزيمة هي بداية انهيار الإمبراطورية المصرية.
وقد أدى تراكم الديون في عهده إلى زيادة التدخل الأجنبي الذي تمثل في "صندوق الدين" والوزارة المختلطة" التي ضمت وزيرين أجنبيين أحدهما إنجليزي للمالية والآخر فرنسي للأشغال، ولما انتبه أخيراً إلى خطورة الوضع واستجاب لمطالب المصريين الذين رفعوا إليه ما عرف باسم "اللائحة الوطنية" التي طالبته بتشكيل حكومة وتحويل الديون إلى ديون محلية؛ دخل في مواجهة مع إنجلترا وفرنسا انتهت بإقناعهما للسلطان بعزله وتولية ابنه توفيق مكانه.
قصة وثيقة:
في عهد إسماعيل كانت مصر مرتعاً للأجانب الذين احتلوا كثيراً من المناصب عن غير كفاءة، وفي مدينة بورسعيد كان الطبيب "حكيم الصحة" أوربياً ، ولكنه أهمل في عمله لدرجة أنه صرح بدفن طفل أصيب بحالة إغماء، وبعد أن جاء المغسل ليغسله ويكفنه وجده قد عاد إلى الحياة ، وتقدم أهالي بورسعيد بشكوى ضده ، وصدرت الأوامر بالتحقيق بمعرفة محافظ بورسعيد ، وأثبت التحقيق صحة الشكوى.
المصدر: دار الوثائق القوميه
0 التعليقات:
إرسال تعليق