الاثنين، 6 سبتمبر 2010

هل تصحح مأساة كاميليا مسار أمة ؟

في خلال تأملنا لحالة التجبر التي تمارسها الكنيسة على المسلمين ؛ لا بد أن نصارح أنفسنا بأننا لم نعد أمة، وأنه ليست هناك الجماعة المؤمنة، وإنما نحن أفراد كثر منتسبين للإسلام نعم، هذا ما تكشفه تصريحات من عينة : ما الذي يكسبه الدين الإسلامي من إسلام سيدة أو عدم إسلامها؟


هكذا كان تعليق محافظ المنيا على إسلام السيدة كاميليا شحاته ؛ وربما وللإسف يكون تعليق الكثير من المسلمين بهذا النحو، وماذا ستقدم للإسلام ؟ أو على حد قول أحدهم : لن تقدم ولن تؤخر. وهو رجل يصلي الصلوات، وحريص على تعليم ابنه الصغير القرآن.


وهذا الكلام ظاهره الحكمة والعقل ؛ وباطنه الفزع والهروب من تحمل المسؤلية حتى بين المرء ونفسه.




ولنطرح السؤال ذاته على أصحابه الحكماء ؛ ماذا قدمتم أنتم للإسلام؟ ما هو المكسب الذي تحقق للإسلام بكونكم مسلمين؟ وماذا لو تنصرتم أو تهودتم ؟ ما الذي سيخسره الإسلام؟
في الحقيقة نحن لا نتمنى وقوع هذا لأيّا من هؤلاء ؛ لأنهم وإن غابت عنهم المفاهيم نتيجة الفزع فإنا نرجوا لهم الخير كما نرجوا الخير للآخر المخالف.


أتعلمون لماذا ؟ لا لأنكم ستقدمون للإسلام أو أننا نتظر منهم جزاءاً أو شكوراً ؛ ولكن لأن الإسلام يعتبر الإنسان في حد ذاته قيمة، فالإسلام اهتم بالإنسان من حيث كونه إنسانا، فقد أخرج البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي عرض الإسلام على غلام يهودي كان على وشك الموت فنظر الصبي إلى أبيه فقال له : "أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-"، فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».




فما الذي يمكن أن يتصور أن يقدمه ذاك الصبي للإسلام، أي فائدة يمكن أن تجني للإسلام أو المسلمين من وراء إسلام غلام على وشك الموت؛ فليس هو بالشخص الهام في المجتمع حتى يكون إسلامه بالحدث الهام، ولا هو ذا المال الذي يمكن أن يجنى من وراءه ولا هو ولاهو ....الخ.


ومع كل ذلك فقد اهتم نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- به وحمد الله فرحا على نجاته من العذاب؛ فهل تقدم الإسلام بإسلامه؟ ولو لم يسلم هل ذاك كان سيقلل من شأن الإسلام ؟




إنما فرح النبي صلى الله عليه وسلم به لأن الإسلام يرى أن للإنسان قيمة من حيث كونه إنسانا غلاما شابا رجلا كان أو امرأة. فهذا هديه وتلك سنته صلى الله عليه وسلم.


الثانية : أن المسلم يحب الله ويعظمه، فمن يحب الله يحب أن يحب الله، ويكره أن يسب سبحانه. والنصارى يسبون الله عزوجل فينسبون له الولد، ويصفونه بصفات شنيعة يكره الشخص العادي أن يوصف بها، فنحن نحب أن يهتدي الناس حتى يصفوا الله سبحانه وتعالى بما يليق من صفات الجلال والكمال والعظمة، ومن لا يحب أن يُعَظَمَ ربه فعليه أن يراجع دينه.




هؤلاء الحكماء في الحقيقة يقتلهم الفزع، فيتوجهون باللائمة على الضحية بدلا من أن يقفوا في وجه الجلاد، ولكن ألم يسمعوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه (أي إلى ظلم) ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وزاد رزين : «ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام».


فأين هذه الأخوة، نعم قد ضاعت ليس في حق من أسلم ؛ بل قد ضاعت في حق من ولد على الإسلام، حين نهبت ثرواتهم وسلموا للفقر والمرض يتلفهم ويهلكهم، رجاء أن يختفي المسلمون من تلك البلد يوما ما.


ضاعت هذه الأخوة حينما ضاعت أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله و أن تبغض في الله . وعلامة تلك المحبة هي ألا تتوقف على إحسان إخيك لك، أو على ما تحصله من مصلحة من وراءه.




يا ليت هؤلاء الحكماء يتخيلون أنفسهم في ضيق ويحتاجون من يفرج عنهم ويمد لهم يد العون، فماذا إن أعرض عنهم من يستطيع أن يفرج كربهم، وجحدهم الناس بدعوى أنهم لن يقدموا ولن يؤخروا؛ فليس من ورائهم مصلحة ترجى . وليتدبروا قوله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير» متفق عليه من حديث أنس.




إن أخطر ما في تلك الدعوى أنها تنهي وجودنا كأمة يتألم بعضها لبعض، ويتكاتف بعضها مع بعض، كما أخبر صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير قال : «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفعهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».


ومن ثم صرنا فرادي، فأضحينا فريسة للذئاب كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء. تلك هي حكمة العربي القديم حين قال : أكلت يوم أكل الثور الأبيض.


فهل يمكن لنا أن نجتمع كأمة، وكجماعة مسلمة مرة أخرى أم أن ما سبق في قدر الله قد وقع فينا فنحن كثر ولكننا كغثاء السيل كما قال سيد الأولين والأخرين صلى الله عليه وسلم : « ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله فى قلوبكم الوهن » رواه أبو داود من حديث ثوبان وإسناده صحيح.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Bookmark and Share

أقسام المدونة

2015 (1) أبراج (44) اتصالات (113) أحياء (1) اخبار (136) اخطاء (1) ادسنس (2) ادعيه (7) أزواق (1) إستخراج (1) إسرائيل (7) اسرار (1) أعشاب (19) أعياد (1) أغانى (7) أفريقيا (1) أفكار (2) أفلام (4) إقتصاد (19) الأردن (2) الأرض (12) الاسره (1) الأطفال (33) الإلكترونيه (3) الألوان (1) الأنبياء (1) البحرين (1) البشرة الدهنيه (1) البيئة (14) الترتيب (1) الجزائر (2) الجن (1) الربح (7) الرجل (40) الرسول (12) الزواج وأنواعه (31) السعوديه (10) الشبكة (9) الشعر (30) الشمس (6) الشوربات (19) الشيطان (2) الصيف (1) الصين (2) ألعاب (3) العالم (19) العراق (3) العنكبوتيه (1) الفراسه (6) القمر (4) القنوات الأجنبية (3) الكويت (1) الله (20) ألمانيا (2) المرأه (96) المغرب (2) المنصورة (2) الهجرة (7) الهند (2) الهيدروجين (1) أمثال (1) أمراض_الجسم​ (1) أمريكا (10) إنجلترا (1) أوراكل (4) أوروبا (1) إيران (2) إيميلات (5) باكستان (1) بترول (1) بحث (4) برامج (29) برمجة (6) بريطانيا (2) بسكلته (5) بشرتك (10) بطاقات (1) بناء (1) بنوك (2) بورصة (23) تاريخ (45) تحب (3) تحضير (1) تخسيس​ (1) ترددات (15) تركيا (1) تركيب (1) تساقط (8) تطوير المواقع (29) تعريفات (16) تعليم (43) تفاحة​ (1) تفاحة_فى_اليوم​ (1) تكنولوجيا (44) تلوث (3) توقعات (12) تونس (1) تونس. سفارات (1) ثورة (1) جمال (4) جوال (1) جوجل (19) حذف الباتش (1) حساسية (2) حشرات (1) حقائق (1) حقيقه ام خيال (23) حقيقه_وخيال​ (1) حكم (1) حيوانات (5) خضروات (8) خلق (2) دبى (2) دليل (2) دورات أمن المعلومات (19) دورة (4) ديكور (1) دين (120) ذهب (2) رسائل (1) رمز (1) رمضان (9) روسيا (3) رياضه (14) زراعه (9) زيادة (1) سامسونج (1) سفارات (5) سلامة (1) سندوتشات (2) سوريا (1) سويسرا (1) سيارة (6) شخصيات (64) شخصيتك (18) شركات (32) شعر (5) شمس (3) صحتك (289) صلصه (5) صناعة (1) صور (11) طائرات (2) طاقة (3) طاقه المستقبل (1) طاقه حره (2) طب (1) طب_ولا_عك​ (1) طيور (18) عسكرى (25) عسل (1) علاج (70) علم البصريات (6) علماء (1) علوم (18) عيد (1) عيون (17) غاز (2) فتاوى (1) فرنسا (2) فضاء (16) فلسطين (12) فلك (12) فليسطين (3) فوائد (10) فواكة (8) فواكة_وخضروات​ (1) فودافون (4) فوركس (3) فيديو (9) فيس بوك (2) قاعدة البيانات (2) قتال (6) قصص (12) قطر (4) قمر العربسات (2) قيام الليل (1) كاريكتير (3) كتب (12) كربوهيردات​ (1) كمال اجسام (1) كمبيوتر (84) كوبا (1) كوريا (1) كيتو​ (1) كيمياء (23) لغة (1) لهجات (1) ليبيا (1) لينكس (2) مجموعة (1) محرك (4) مسجات (1) مشروعات (4) مصر (111) مطبخك (214) معادن (1) معلومات (29) مقاتلات (1) مقالات (31) مكونات (2) منتجات زراعيه (1) مهارات (1) مواقع (61) موبايل (1) موضه (2) مياه (4) نشيد (1) نصائح (8) نظم (6) نكت (8) نوكيا (15) هندسه (5) هواتف (54) وصايا (1) وظائف (9) ويندوز (3) يوتيوب (5) AdSense (4) AdWords (1) call center (2) ebay (2) Egypt (1) HSPA (2) ORACLE (2) qmax (1) search (1) seo (3) Wikipedia (2)

 
;