هل يجعل الشبكات الإجتماعيه كالفيس بوك منك نسخة مكرّرة؟ |
1- بدايةً فاستعراضنا السريع لشريط الأخبار ولمستجدّات أحوال الأصدقاء يجعل عقولنا تتشرّب بلا وعي ما يفعلون ويقولون، أين يقضون إجازاتهم، كيف يتصرّفون إزاء مواقف معيّنة، ماذا يرتدون لمناسبات معيّنة؛ ويتكفّل العقل الباطن بضبط بوصلتنا على هذه التصرّفات ويختزنها كنماذج لتصرّفات نموذجيّة نقوم بتقليدها وتمثّلها فيما بعد حتى أنّ إعلان الفيسبوك عن الملامح الجديدة يظهر شخصاً يستمع لأغنيّة وفجأة يجد كل أصدقاءه يستمعون لذات الأغنية.
2- هدف الشبكات الاجتماعية من الأساس هو أن تجعل الكلّ يشترك في فعل نفس الشيء في وقت متزامن وتستغلّ الشركات المنظّمة ذلك في تعميق العلاقات بين موظّفيها وإداراتها ولكن الأثر السلبيّ لهذا المفهوم كلّما ازداد عمقاً هو أنّ الفرد قد يفقد ذاتيّته تدريجيّاً ويذوب كنسخة مكرّرة في المجموع.
3- نحن نعيش الآن في عصر سطوة الوسائل الإعلاميّة والإعلام يحيط بنا من كل جانب في كلّ ساعات يومنا. إنّهم يدرسوننا، ما هي أكثر الكلمات بحثاً على محرّكات البحث ويعرفون من هم الأصدقاء الّذين نفضّل متابعتهم على شريط أخبار الفيسبوك ويحلّلون مانستنتع به من فيديوهات على اليوتيوب! مع كلّ هذا يصير حفاظك على استقلال وجهة نظرك وتميّزك كفرد غاية في الصعوبة؛ ببساطة نحن مستهدفون!
4- من الصعوبة بمكان ولكن أيضاً من الضرورة بمكان أكبر أن يحاول المرء انتزاع نفسه من التأثير الجماعي الجامح للشبكات الاجتماعية، إنّها ذات محنة الفنان الذي يرغب في الإبداع ولا يجد جديداً لم يتناوله غيره أو كما يقول الشاعر العربي منذ عشرات القرون: (ما أرانا نقول إلا معاراً… أو معاداً من لفظنا مكروراً). قد يكمن هنا الحل فيما قاله “ستيف جوبز” من أنّ الإبداع ليس في اختراع الجديد وإنّما في توصيل أشياء قائمة ببعضها وعمل الجديد منها. يمكنك أن تجعل من شريط أخبار الفيسبوك وأحوال أصدقائك نقاطاً للإلهام تتحكّم فيها بوعي بدلاً من أن يتحكم فيك عقلك الباطن باستخدامها، إجر أبحاثك الصغيرة: كم من أصدقائي يفضلون هذا النوع من الموسيقى؟ من من أصدقائي يفضّل ذات المدينة الساحلية التي أقضي فيها إجازاتي؟ كم من الأصدقاء يجيدون الألمانية؟ هكذا تواجه بعقلك الواعي ماقد يستقرّ في أعماق عقلك الباطن ويصنع منك نسخة مكرّرة من لأصدقاء قد لاتعرفهم!
0 التعليقات:
إرسال تعليق