الاثنين، 6 سبتمبر 2010

الوجود العسكري الأمريكي في العراق سيستمر لسنوات طويلة قـادمـة

على عكْـس التصريحات العراقية التي تعكِـس نوعا من الإحتفاء بانتهاء الإحتلال الأمريكي وممارسة العراق حقوقه السيادية، وعلى النقيض من طنطنة الرئيس أوباما بأن العراق أصبح صاحب قراره، يرى خبراء أمريكيون أن الخروج الأمريكي الحقيقي من العراق، "أمر قد يطول إلى عشرات السنين".




فعندما طرحت swissinfo.ch السؤال على الدكتور أنتوني كوردسمان، الخبير العسكري والإستراتيجي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن قال: "لا يعني خروج القوات الأمريكية المقاتِـلة من العراق، أن الحرب الأمريكية هناك قد انتهَـت أو أن الولايات المتحدة قد انتصَـرت وحقّـقت أهدافها من تلك الحرب. فالتمرّد لا زال خطيرا والمشاكل العِـرقية والتوتر الطائفي لم يهدَأ، كما أن الإخفاق المستمِـر في جهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة منذ انتخابات مارس الماضي، ينذر بتصاعُـد خطير في أعمال العنف".


ويرى الدكتور كوردسمان أن الخروج الأمريكي الحقيقي من العراق، سيحتاج إلى سنوات طويلة ولن يمكِـن للعراق أن ينعَـم بالاستقرار قبل عام 2020، حين تكون قوات الأمن العراقية في وضْـع يسمح لها، عمليا، بتوفير الاستِـقرار للمواطن العراقي العادي، وحين يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة مستقِـرة تحكُـمه حكومة موحّـدة، تحظى بالتأييد الشعبي.


وردّا على سؤال لـ swissinfo.ch حول طبيعة الدّور الأمريكي في العراق بعد سحْـب القوات القِـتالية، قال الدكتور كوردسمان: "من الغريب أن القيادة الأمريكية الوُسطى لم تطرَح أي تصوّر لوضع القوات الأمريكية بعد سحْـب الوحدات المقاتلة، مما ترك الباب مفتوحا أمام الكثير من نظريات المؤامرة التي تراوحت بين اعتِـزام الولايات المتحدة الإحتفاظ بقوات يصِـل عدد أفرادها إلى خمسين ألفا في العراق لأجَـل غيْـر مسمّـى وبين انسحابها وِفق تعهُّـد الرئيس أوباما بحلول نهاية العام القادم، بغضِّ النظر عن الأوضاع في العراق".


ويعتقد الدكتور كوردسمان أن السبب في ذلك القصور في الرؤية، هو أن كثيرا من الأمريكيين، وعلى رأسهم أعضاء الكونغرس، يريدون نِـسيان الورْطة الأمريكية في العراق ويحلمون باليوم الذي يتقلّـص فيه الدور الأمريكي في العراق في أسرَع وقت مُـمكن، مما يخلق شكوكا حوْل الرّغبة الأمريكية الحقيقية في الدخول في شراكة إستراتيجية مع العراق، رغم التسليم بأن العراق على المدى البعيد، يمكن أن يلعب دورا هامّـا في احتواء النفوذ الإيراني في منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما.


وخلص كوردسمان إلى أنه يتعيّـن على إدارة الرئيس أوباما أن تطرح خطّـة واضحة للجهود الأمريكية لمساعدة العراق، مدنيا وعسكريا، والعمل عن كثَـب مع الحكومة العراقية، متى تمّ تشكيلها، وتحدّد ما هي ملامِـح الشراكة الإستراتيجية المطلوبة مع العراق بعد سحب القوات المقاتلة.






يوم 1 سبتمبر 2010 ، أشرف جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في بغداد على مراسم تغيير قيادة القوات الأمريكية في العراق، التي جرت في أحد القصور السابقة لصدّام حسين قرب مطار بغداد. (Keystone)
حقائق ما بعد الخروج
وفي رده على أسئلة توجّـهت بها swissinfo.ch إلى السيد كينيث بولاك، مدير مركز صابان لسياسات الشرق الأوسط حول تقييمه لما يعنِـيه مغادرة القوات القتالية الأمريكية للعراق، بالنسبة لدور الولايات المتحدة بعد ذلك الخروج، ومستقبل العراق، فسارع إلى القول بأن هناك خمس حقائق تحتاج التنبّـه لها حوْل ما سُـمي بخروج القوات القتالية من العراق وهي:


أولا، أن القوات المتبقِّـية والتي يصِـل قِـوامها إلى خمسين ألف جندي، معظمها قوات قتالية، تم تسميتها باسم آخر، مثل وحدات للمساعدة والمشورة، بينما ستواصِـل تلك القوات مهامّـا قتالية، وهي لا تزال تشكِّـل قوات احتلال، وسيواصِـل الطيارون الأمريكيون طلَـعَـاتهم الجوية لمساندة القوات العراقية على الأرض.


ثانيا، بقاء القوات الأمريكية، التي سُـميَّـت وحدات المساعدة وتقديم المَـشُـورة، ضروري للحيلولة دون اندِلاع حرب أهلية في العراق، في ظل التطاحن العِـرقي والطائفي، الذي لا زال قائما. فمع إدراك العراقيين أن اندلاع حرب أهلية سيُـضيف كارثة جديدة إلى سجِـلِّ الكوارث العراقية، فإن خطر تلك الحرب يظل واردا، طالما بقي الزعماء العراقيين مؤمِـنين بإمكانية تحقيق أهدافهم المُـتعارضة عن طريق استِـخدام القوة، لذلك، تتّـضح أهمية بقاء قوات عسكرية أمريكية بعد خروج الوحدات المقاتلة.


ثالثا، رغم كل ما يُـقال عن تعثُّـر تشكيل الحكومة العراقية، ومع التَّـسليم بأن الحياة السياسية في العراق تواجِـه صعوبات تحُـول دون الوصول إلى نظام سياسي قادر على أداء وظائفه، إلا أنه يتعيَّـن على الولايات المتحدة والدول المجاورة والأمم المتحدة، أن لا تسمح للنظام السياسي في العراق بالفشل، وبالتالي، لا زال يتعيَّـن عليها جميعا بَـذْل المزيد من الجهود، للمساعدة في توفير الاستقرار السياسي لعِـراق ما بعدَ الخروج.


رابعا، يتنازع العراقيين رغبتان متعارضتان. الأولى، رغبة في رُؤية آخِـر جندي أمريكي يُـغادر الأرض العراقية. والثانية، الخوف ممّـا يمكن أن يحدُث في العراق، إذا تمّ انسحاب أمريكي كلِّـي، نظرا لعدم التأكُّـد من قُـدرة القوات العراقية على حِـفظ الأمن وتوفير الاستقرار، وكذلك عَـدم نُـضوج العملية السياسية بشكل يُـطمئِـن العراقيين إلى زوال شبَـح الحرب الأهلية.


خامسا، لا توجد حرب في العالم يُـمكن إنهاؤها وِفق جدوَل زمني معروف، لذلك، فإن تعهُّـد الرئيس أوباما بسحب باقي القوات الأمريكية بحلول نهاية العام القادم لن يمكن الوفاء به، حيث أن الحاجة ستدعو إلى استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق لسنوات طويلة قادمة، سواء لحِـفظ الأمن والاستقرار أو للحفاظ على المصالِـح الأمريكية في منطقةٍ من أهمِّ مناطِـق العالم، من الناحية الإستراتيجية.






خروج محدود وبقاء للوُجود
في السياق نفسه، يتَّـفق مايكل أوهانلن، كبير الخبراء المتخصِّـصين في الشأن العراقي في معهد بروكنغز مع تقييم كينيث بولاك، ويعتقد بأن وضع العراق بعدَ خروج القوات الأمريكية المقاتلة، لا يعني أن الرئيس أوباما سيكون قادِرا على الوفاء بتعهُّـده الخاص باستكمال سحْـب القوات الأمريكية المتبقِّـية في العراق بحلول نهاية العام القادم ويقول: "قد يُـصبِـح وعد الرئيس أوباما وَعْـدا بعِـيد المنال، لأن الجِـراح الطائفية لا زالت مفتوحة في العراق ولم تلتئِـم، كما تستمر الصِّـراعات العِـرقية بين عرب العراق وأكراده، خاصة حول كركوك، وبين عرب العراق وتركمانه في الشمال، ناهيك عن عدم الإستقرار السياسي والإخفاق في تشكيل حكومة عراقية، رغم مرور خمسة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية. ويضاف إلى ذلك، أن قوات الأمن العراقية لم تُـختَـبَـر بعدُ فيما يتعلّـق بقُـدرتها على توفير الأمن والاستقرار، لذلك، سيكون الوجود العسكري الأمريكي على أرض العراق أطْـول بكثير ممّـا يَـعِـدُ به الرئيس أوباما".


من جهته، يعقد البروفيسور نوح فيلدمان، أستاذ القانون الذي عمِـل في السابق في منصب كبير مستشاري سلطة الحُـكم الأمريكي الإنتقالي بعدَ غَـزْو العراق، مقارنة بين العراق بعد انتهاء المهام القتالية وبين كوريا الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية ويقول: "يُـشابِـه الوضع في العراق الآن، الوضع في كوريا الجنوبية بعدَ الحرب، حيث احتفظت الولايات المتحدة منذ هُـدنة عام 1953 بقوات أمريكية للحِـفاظ على الأمن والاستقرار، ولا تزال حتى يومنا هذا تحتفِـظ بحوالي ثلاثين ألف جندي أمريكي على الأرض الكورية، بعد ستين عاما من انتهاء المهام القتالية".


لذلك يعتقد المحلِّـلون السياسيون والعسكريون الأمريكيون، أنه رغم إغلاق مئات من القواعد العسكرية الأمريكية في العراق أو تسليمها إلى العراقيين مع سحب القوات القتالية الأمريكية، ستظل هناك قواعد أمريكية في العراق لعشرات السنين، طالما بقِـيت وحدات عسكرية أمريكية تُـغيِّـر فقط إسمها إلى وحَـدات المساعدة وتقديم التدريب والمَـشُـورة، خاصة وأن رايان كروكر، السفير الأمريكي السابق في العراق، أكّـد على أن "الشراكة الإستراتيجية الأمريكية مع العراق، وإن احتاجت إلى مواصلة العمل الأمريكي في العراق لسنوات طويلة، فإنها في نهاية المطاف يُـمكن أن تُـغيِّـر الخريطة الإستراتيجية للشرق الأوسط".
المصدر: سويس انفو

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Bookmark and Share

أقسام المدونة

2015 (1) أبراج (44) اتصالات (113) أحياء (1) اخبار (136) اخطاء (1) ادسنس (2) ادعيه (7) أزواق (1) إستخراج (1) إسرائيل (7) اسرار (1) أعشاب (19) أعياد (1) أغانى (7) أفريقيا (1) أفكار (2) أفلام (4) إقتصاد (19) الأردن (2) الأرض (12) الاسره (1) الأطفال (33) الإلكترونيه (3) الألوان (1) الأنبياء (1) البحرين (1) البشرة الدهنيه (1) البيئة (14) الترتيب (1) الجزائر (2) الجن (1) الربح (7) الرجل (40) الرسول (12) الزواج وأنواعه (31) السعوديه (10) الشبكة (9) الشعر (30) الشمس (6) الشوربات (19) الشيطان (2) الصيف (1) الصين (2) ألعاب (3) العالم (19) العراق (3) العنكبوتيه (1) الفراسه (6) القمر (4) القنوات الأجنبية (3) الكويت (1) الله (20) ألمانيا (2) المرأه (96) المغرب (2) المنصورة (2) الهجرة (7) الهند (2) الهيدروجين (1) أمثال (1) أمراض_الجسم​ (1) أمريكا (10) إنجلترا (1) أوراكل (4) أوروبا (1) إيران (2) إيميلات (5) باكستان (1) بترول (1) بحث (4) برامج (29) برمجة (6) بريطانيا (2) بسكلته (5) بشرتك (10) بطاقات (1) بناء (1) بنوك (2) بورصة (23) تاريخ (45) تحب (3) تحضير (1) تخسيس​ (1) ترددات (15) تركيا (1) تركيب (1) تساقط (8) تطوير المواقع (29) تعريفات (16) تعليم (43) تفاحة​ (1) تفاحة_فى_اليوم​ (1) تكنولوجيا (44) تلوث (3) توقعات (12) تونس (1) تونس. سفارات (1) ثورة (1) جمال (4) جوال (1) جوجل (19) حذف الباتش (1) حساسية (2) حشرات (1) حقائق (1) حقيقه ام خيال (23) حقيقه_وخيال​ (1) حكم (1) حيوانات (5) خضروات (8) خلق (2) دبى (2) دليل (2) دورات أمن المعلومات (19) دورة (4) ديكور (1) دين (120) ذهب (2) رسائل (1) رمز (1) رمضان (9) روسيا (3) رياضه (14) زراعه (9) زيادة (1) سامسونج (1) سفارات (5) سلامة (1) سندوتشات (2) سوريا (1) سويسرا (1) سيارة (6) شخصيات (64) شخصيتك (18) شركات (32) شعر (5) شمس (3) صحتك (289) صلصه (5) صناعة (1) صور (11) طائرات (2) طاقة (3) طاقه المستقبل (1) طاقه حره (2) طب (1) طب_ولا_عك​ (1) طيور (18) عسكرى (25) عسل (1) علاج (70) علم البصريات (6) علماء (1) علوم (18) عيد (1) عيون (17) غاز (2) فتاوى (1) فرنسا (2) فضاء (16) فلسطين (12) فلك (12) فليسطين (3) فوائد (10) فواكة (8) فواكة_وخضروات​ (1) فودافون (4) فوركس (3) فيديو (9) فيس بوك (2) قاعدة البيانات (2) قتال (6) قصص (12) قطر (4) قمر العربسات (2) قيام الليل (1) كاريكتير (3) كتب (12) كربوهيردات​ (1) كمال اجسام (1) كمبيوتر (84) كوبا (1) كوريا (1) كيتو​ (1) كيمياء (23) لغة (1) لهجات (1) ليبيا (1) لينكس (2) مجموعة (1) محرك (4) مسجات (1) مشروعات (4) مصر (111) مطبخك (214) معادن (1) معلومات (29) مقاتلات (1) مقالات (31) مكونات (2) منتجات زراعيه (1) مهارات (1) مواقع (61) موبايل (1) موضه (2) مياه (4) نشيد (1) نصائح (8) نظم (6) نكت (8) نوكيا (15) هندسه (5) هواتف (54) وصايا (1) وظائف (9) ويندوز (3) يوتيوب (5) AdSense (4) AdWords (1) call center (2) ebay (2) Egypt (1) HSPA (2) ORACLE (2) qmax (1) search (1) seo (3) Wikipedia (2)

 
;