الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

التوتر النفسي وراء كل أزمة

مشاكل الحياة لم تعد قليلة ولم يعد ما يمكن احتسابها بغير المهمة منها فقطاع كبير من الناس يكاد يكونون في حالة اصطدام شبه يومي مع ما يعترضهم مما لا يخطر على بال ولكن تسبيب ذلك للتوتر العصبي ما قد يجعل المرء غير حكيم في معالجة المنغصات وعلى أكثر من صعيد.
ولأن مسألة الصراع لا تُحلَّ حلاً اجوداً إلا بواسطة الفرد ذاته، من حيث يدري أو لا يدري فرغم أن مشورة الآخرين واجبة وتعتبر من الأمور الموضوعية كما يتمسك في ذلك بعض الناس بأقوال وأحاديث وحكم جمعت ضمن صفحات تاريخ حكماء الماضي إلا أنه من الغريب حقاً أن بعض أو أغلب المشورات مع الغير لا تعطي نتائج مثمرة سريعة ولأن أي مشكلة لا تتشابه مع حال ترميم موقع أثري (مثلاً) فإن حسم الصراع مع الآخر يبقى هو الصعب أحياناً لكن حسمه الأكبر يبقى مع الذات. وبعض المتابعون يعتبرون مثل هذا الكلام هو من باب (عدّ النجوم) بعد أن أصبحت النخبة القائدة للعمل أينما تواجد تبجحها لا تعيش على مبدأ تأسيس فاضل يأخذ مثلاً أن الموضوع (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وضرورة اللا سكوت عنه هو تقرباً من الواقع الاجتماعي العام المرير... المتطلع نحو الأفضل.
إن أمامنا ونحن ننظر إلى المشاكل الكبرى في العالم ما يمكن تسميته بالهجرة من الواقع إلى الخيال إذ تكاد أكثر مشاريع (الآمال الشخصية) منتظرة فرجاً قادماً ومجرد امتلاك مثل هذا الشعور الذي يدخل على باب (النرجسية) كافٍ للقول عنه أن تراكمه في النفس البشرية يراكم لديها شيئاً من التوتر الذي لا تبدو بوادره ظاهرة بأحيان كثيرة ولعل من أول مسببات ذلك أن التوجس من تحقيق أمل ما أو مكتسب طبيعي ووضع الصدفة أحياناً للعراقيل أمامه يؤدي بالمرء للإصابة بأمراض نفسية غير خطرة أحياناً مثل حالة (أحلام اليقظة).. إضافة لأمراض بيولوجية أيضاً.
من جانب آخر يقال أن للتوتر النفسي فوائد جمة فلولاه لما أستطاع الإنسان حل مشاكله حيث أن أي مشكلة صغيرة كانت أم كبيرة تكسب المرء شيء من الخبرة لمعرفة الآخر ودروس الحياة ضمن احتمالات تكون له بمثابة الدرع الواقي في معاركه المعنوية القادمة متى ما بدأت. إلا أنه ومن الطبيعي جداً فإن امتلاك رهافة من الأحاسيس تجعل المرء في حالة تحفز من القادم المجهول الذي ينظر له بحذر من درجة (بين بين!).
والعوامل التي تلعب دوراً في تسبيب التوتر النفسي عديدة وعدم العمل لإزالة آثارها تجعله يعيش حتى مشاكله اليومية الطفيفة وكأنها أثقالاً كبيرة على صدره متناسياً أن المسبب للمشاكل له قد يكون من ذاته وضمن ما يعانيه من التفكك النفسي ولم يستطع هو تقويم نفسيته، فيلجأ إلى (الكفر بالحياة) وكأنه قد أصبح في الموقع اللدود لنفسه ذاتها حيث يعتقد اعتقاداً جازماً أن في أي موقف لا مبالاة فيه اتجاه مشاكله العائلية (مثلاً) ما يوازي ليس رفض العلاج بل وعدم الثقة بأي دواء وفي مثل هذه النظرة اللا موضوعية للأمور قسوة على النفس أكثر مما هي قسوة على الآخر.
إن معرفة المرء لموقعه في الحياة مع الإيمان بقدر الله سبحانه وتعالى يوفر شيئاً من سكينة النفس و الرضى بالقدر وامتلاك مثل هذه الأنفاس السجية تجعل من الإنسان أكثر قدرة على التحكم بأموره اليومية وبالتالي امتلاكه النظرة القريبة السيطرة بحكمة على معضلات الحياة.
وبمعنى آخر فإن كل التجارب الحيوية تشير إلى أن في الإيمان بالله (قلباً وقالباً) مساهمة عظيمة في تغيير دفة الأمور لصالح التصورات الإنسانية النابعة من العقل والضمير. ومعروف أن قلة من أصحاب الفكر الوضعي يحاولوا أن ينكروا على الناس إيمانهم الفطري بالله سبحانه وتعالى وكأن تلك القلة تحاول إقناع البشرية أنها بغير أوساط التخبط والتهميش لن تكون هناك حياة بمعنى الحياة السامية.
وهكذا ف*(المبالغة) هنا قد أقحمت أكثر مجالات التعامل الاجتماعي حيوية ولأن الإنسان لا يعرف مما يخبؤه الغد له من أنباء وحالات فإنه ومن جانب تبريري يعيش على الأمل المفقود أو الأمل شبه المفقود إذ أن أكثر دراسات علم النفس الحديث تشير بعبارات واضحة أن الإنسان يعيش بنسبة ما خوفاً من المجهول القادم الذي ربما سيخرب حتى حياته الحالية أكثر إن لم تكن قد جرت عليها عملية التخريب البطيئة.
ولأن من النادر بهذا الزمن حفظ السر الشخصي بعد أن دخلت (مفردة الديمقراطية) بتجرد على عالم العلاقات بحيث شاع اليوم بين الناس أن السر الممكن أن يخفى اليوم سيظهر حتماً قريباً إذ لا أحد يمكنه أن يحفظ السر دوماً والحجة هنا أن الكثير من الأمور التي تحتفظ بطابع السرية في وصفها هي ليست سرية تماماً. ومثل هذه الحالة تسبب لإنسان القرن (21) قلقاً دائماً لأنها تتطلب منه المزيد من الاعتماد على محاكاة ذاته على حساب شرح ما في صدره للآخرين المقربين إليه الذي يفضله أطباء النفس لمعادييهم من المرضى وأشباه المرضى.
إن الطب النفسي بقدر ما تقدم وظهرت له فروع وتخصصات عديدة لكن الحقيقة المرة التي ينبغي أن تقال أن مشاكل الإنسان في المجتمع المتطور أو المقدم على التطور تكثر وتتعقد فروعه أيضاً والإنسان المعروف أنه ذو طاقة محدودة لتحمل أبعاد مشاكل الحياة ممكن أن تقوى أو تضعف هذه الطاقة لديه وفقاً لعوامل معينة ويبقى المهم والمهم جداً أن يحيى المرء حياته وهو على يقين تماماً بأنه لم يظلم أحداً.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Bookmark and Share

أقسام المدونة

2015 (1) أبراج (44) اتصالات (113) أحياء (1) اخبار (136) اخطاء (1) ادسنس (2) ادعيه (7) أزواق (1) إستخراج (1) إسرائيل (7) اسرار (1) أعشاب (19) أعياد (1) أغانى (7) أفريقيا (1) أفكار (2) أفلام (4) إقتصاد (19) الأردن (2) الأرض (12) الاسره (1) الأطفال (33) الإلكترونيه (3) الألوان (1) الأنبياء (1) البحرين (1) البشرة الدهنيه (1) البيئة (14) الترتيب (1) الجزائر (2) الجن (1) الربح (7) الرجل (40) الرسول (12) الزواج وأنواعه (31) السعوديه (10) الشبكة (9) الشعر (30) الشمس (6) الشوربات (19) الشيطان (2) الصيف (1) الصين (2) ألعاب (3) العالم (19) العراق (3) العنكبوتيه (1) الفراسه (6) القمر (4) القنوات الأجنبية (3) الكويت (1) الله (20) ألمانيا (2) المرأه (96) المغرب (2) المنصورة (2) الهجرة (7) الهند (2) الهيدروجين (1) أمثال (1) أمراض_الجسم​ (1) أمريكا (10) إنجلترا (1) أوراكل (4) أوروبا (1) إيران (2) إيميلات (5) باكستان (1) بترول (1) بحث (4) برامج (29) برمجة (6) بريطانيا (2) بسكلته (5) بشرتك (10) بطاقات (1) بناء (1) بنوك (2) بورصة (23) تاريخ (45) تحب (3) تحضير (1) تخسيس​ (1) ترددات (15) تركيا (1) تركيب (1) تساقط (8) تطوير المواقع (29) تعريفات (16) تعليم (43) تفاحة​ (1) تفاحة_فى_اليوم​ (1) تكنولوجيا (44) تلوث (3) توقعات (12) تونس (1) تونس. سفارات (1) ثورة (1) جمال (4) جوال (1) جوجل (19) حذف الباتش (1) حساسية (2) حشرات (1) حقائق (1) حقيقه ام خيال (23) حقيقه_وخيال​ (1) حكم (1) حيوانات (5) خضروات (8) خلق (2) دبى (2) دليل (2) دورات أمن المعلومات (19) دورة (4) ديكور (1) دين (120) ذهب (2) رسائل (1) رمز (1) رمضان (9) روسيا (3) رياضه (14) زراعه (9) زيادة (1) سامسونج (1) سفارات (5) سلامة (1) سندوتشات (2) سوريا (1) سويسرا (1) سيارة (6) شخصيات (64) شخصيتك (18) شركات (32) شعر (5) شمس (3) صحتك (289) صلصه (5) صناعة (1) صور (11) طائرات (2) طاقة (3) طاقه المستقبل (1) طاقه حره (2) طب (1) طب_ولا_عك​ (1) طيور (18) عسكرى (25) عسل (1) علاج (70) علم البصريات (6) علماء (1) علوم (18) عيد (1) عيون (17) غاز (2) فتاوى (1) فرنسا (2) فضاء (16) فلسطين (12) فلك (12) فليسطين (3) فوائد (10) فواكة (8) فواكة_وخضروات​ (1) فودافون (4) فوركس (3) فيديو (9) فيس بوك (2) قاعدة البيانات (2) قتال (6) قصص (12) قطر (4) قمر العربسات (2) قيام الليل (1) كاريكتير (3) كتب (12) كربوهيردات​ (1) كمال اجسام (1) كمبيوتر (84) كوبا (1) كوريا (1) كيتو​ (1) كيمياء (23) لغة (1) لهجات (1) ليبيا (1) لينكس (2) مجموعة (1) محرك (4) مسجات (1) مشروعات (4) مصر (111) مطبخك (214) معادن (1) معلومات (29) مقاتلات (1) مقالات (31) مكونات (2) منتجات زراعيه (1) مهارات (1) مواقع (61) موبايل (1) موضه (2) مياه (4) نشيد (1) نصائح (8) نظم (6) نكت (8) نوكيا (15) هندسه (5) هواتف (54) وصايا (1) وظائف (9) ويندوز (3) يوتيوب (5) AdSense (4) AdWords (1) call center (2) ebay (2) Egypt (1) HSPA (2) ORACLE (2) qmax (1) search (1) seo (3) Wikipedia (2)

 
;