الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

الكالسيوم و فوائده و ترسباته الضارة في الجسم

الكالسيوم من أكثر المعادن غزارة داخل جسم الإنسان. وتختزن أكثر كمياته - نحو 99 في المائة - داخل الهيكل العظمي، حيث يقوم بمهمة الحفاظ على العظام والأسنان السليمة، وإدامتها.


إلا أنه لا يقوم بذلك فقط، فالكالسيوم حيوي أيضا لتأمين الوظائف الطبيعية للعضلات، والأوعية الدموية، والأعصاب. وتذوب كميات ضئيلة منه في السوائل داخل وخارج كل خلية من خلايا الجسم.


وقد يصبح الكثير جدا من الكالسيوم أو القليل جدا منه، قاتلا لتلك الخلايا، ولهذا فإن الجسم ينظم مستوياته الموجودة في الدم.


ولكن تراكم الكالسيوم في بعض الأحيان، داخل الأنسجة الرخوة، يتسبب في حدوث مشكلات طبية، أو يؤدي إلى تحريف نتائج الفحوصات.


وعلى سبيل المثال، فإنه حتى ولو كانت مستويات الكالسيوم في الدم اعتيادية، فإن ترسبات الكالسيوم المسماة «التكلسات» (calcifications) قد تتراكم على واحد من المواقع المتضررة من نسيج ما.


وقد تتساءل النساء اللواتي تظهر لديهن مثل هذه الترسبات، أو ترسبات أخرى من الكالسيوم (حصى الكلى مثلا)، عما إذا كن قد تناولن كميات كبيرة من الكالسيوم - على شكل حبوب (مكملات) الكالسيوم المصنعة - لتأمين صحة العظام مثلا.


أو قد يتساءلن حول ما إذا كان هناك سبب جيد يدعوهن إلى القلق في هذا الشأن؟ الجواب عموما، هو: لا، إذ لم يعثر الباحثون على أي صلة مباشرة بين تناول الكالسيوم (بوساطة الغذاء أو الحبوب المصنعة) وبين تراكمه في الأنسجة الرخوة.


إذن، كيف يتراكم الكالسيوم في المناطق الواقعة بعيدا عن العظام؟ إليكم ما نعرفه حتى الآن.


تكلسات في الصدر


لقد تم العثور على تكلسات في أنسجة الصدر والثديين لدى 50 في المائة من النساء اللواتي تعدت أعمارهن 50 سنة، ولدى 10 في المائة من النساء الشابات.


ولا تظهر أي أعراض لهذه الحالة، فلا يمكن رصدها إلا عندما تظهر بقع أو رُقط بيضاء بمختلف الأشكال والأحجام، في صور أشعة الثدي (الماموغرام).


ويكون أغلب تلك البقع حميدة، إلا أن بعضا منها يظهر سوية مع سرطان الثدي، ولهذا ينبغي لأخصائي الأشعة، تقرير ما إذا كان من الواجب استخلاص خزعة من النسيج لغرض إجراء فحوصات لاحقة.


وقد تتشكل تكلسات الثدي بسبب الاستجابة للأضرار. فعندما يصاب جزء من الثدي بالضرر - نتيجة الجراحة، التعرض للإشعاع، الضربة، العدوى، أو نتيجة تكوّن كيس - فإن الخلايا الدهنية تموت، محررة أحماضها الدهنية التي تتراكب مع الكالسيوم لتشكيل الترسبات.
وعلى سبيل المثال، فإن التكلسات قد تظهر على طول حزام الأمان في مقعد السيارة بعد التعرض لحادث اصطدام، أو في منطقة تعرضت للإشعاع بعد العلاج من سرطان الثدي.


كما قد تظهر حالات التكلس في أنسجة الغدد المنتجة للحليب (الفُصيصات (lobules، وفي القنوات التي تنقل الحليب إلى حلمة الثدي.


وحتى إن لم تكن المرأة حاملا أو مرضعة، فإن هذه الغدد تفرز كميات صغيرة من سائل يحتوي على الكالسيوم. وإن حدث تبلور الكالسيوم، فسيمكن رصده عند التصوير بأشعة الثدي.




التكلسات والسرطان


وقد تنتشر التكلسات في تلك الغدد على نطاق واسع، إلا أنها تظل حميدة في الغالب. ولكن التكلسات في القنوات قد تكون في بعض الأحيان علامة على حالات سرطان القنوات الموضعي غير الانتشاري preinvasive ductal carcinoma in situ (DCIS).


وهناك عدة أسباب لوجود صلة بين التكلس وبين سرطان الثدي، ففي حالات سرطان القنوات الموضعي DCIS مثلا، قد تموت الخلايا السرطانية الموجودة في وسط القنوات بسبب توقف تغذيتها بالدم والعناصر المغذية، مخلفة خطوطا من التكلسات على طول القناة.
كما أن التكلسات قد تكون مرتبطة أيضا بمناطق ماتت فيها الخلايا السرطانية، أو تضررت فيها الأنسجة الرابطة التي تربط بين الخلايا السرطانية، وكذلك في المواضع التي يوجد فيها سرطان القنوات الموضعي (DCIS).


وعموما، فإن التكلسات الميكروية (التي يقل قطرها عن مليمتر واحد) تكون مثيرة للشبهات أكثر من التكلسات الأكبر حجما (قطرها أكبر من مليمترين)، كما تكون التكلسات المتجمعة في مجموعة، أكثر إثارة للشكوك من مثيلاتها المتفرقة.


وإن كان الطبيب يعتقد أن هناك احتمالا لوجود مرض خبيث فإنه سيوصي بأخذ خزعة من الموضع (رغم أن أغلبها يكون من النوع الحميد). أما وسائل التصوير الأخرى، فإنها أقل كفاءة في التقاط التكلسات.


ما الصلة بين هذه التكلسات وتناول الكالسيوم؟


إن تناوله بوساطة الغذاء أو الحبوب المصنعة، لا يرتبط بحدوث تكلسات حميدة في الثدي. وإضافة إلى ذلك، فقد وجدت دراسة عام 2009 شملت 60 ألف امرأة في السويد أن تناول الكالسيوم بكميات كبيرة لم يقد إلى رفع خطر الإصابة بسرطان الثدي.


تكلس القلب والأوعية
ويمكن للكالسيوم أن يتراكم أيضا داخل الترسبات التي تتكون على الشرايين بعد تعرض جدرانها للأضرار. وتكون هذه الترسبات طرية في البداية عادة، إلا أنها تتصلب مع الزمن وتتكلس.


وإضافة إلى هذا، فإن خلايا الأوعية الدموية تتجه في بعض الأحيان إلى تحويل نفسها إلى خلايا بانية للعظم (osteoblasts) تقوم بإنتاج كميات إضافية من الكالسيوم في موقعها.




- الشرايين التاجية: تظهر أمراض القلب، في أغلب الأحوال، لدى الأشخاص المصابين بتكلس الشرايين، إلا أنه ليس من الواضح دور أي من الترسبات: المتكلسة أو الطرية التي تتسبب عند تفككها في حدوث النوبات القلبية.


ويمكن التنبؤ بخطر أمراض الشرايين التاجية بوساطة تقييم كمية الكالسيوم في تلك الشرايين، التي يتم قياسها بوساطة التصوير الطبقي المقطعي - حتى بعد تصحيح القياسات التي تأخذ بنظر الاعتبار عوامل الخطر الأخرى للإصابة بأمراض القلب، إلا أن جمعية القلب الأميركية لا توصي بإجراء تصوير للقلب، إن كان بمقدور الطبيب تحديد ما إذا كان المريض مصابا بخطر ضئيل أو عالٍ للإصابة بأمراض القلب، وذلك من دراسته التاريخ الصحي للمريض وسجلاته الصحية الخاصة بعوامل الخطر.


أما إن كان الخطر متوسطا (احتمال حدوث نوبة قلبية خلال 10 سنوات يتراوح بين 10 و20 في المائة)، فإن تصوير الكالسيوم على الشرايين التاجية قد يساعد في تقرير ما إذا كانت أمراض القلب هي السبب.


كما أن تصوير القلب بأشعة الصدى (echocardiography) - وهي عملية توظف فيها الموجات الصوتية لالتقاط صور متحركة للقلب النابض - قد يرصد التكلس في صمام الشريان الأورطي، وهو التكلس الذي يرفع خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية.




- الشرايين المغذية للدماغ: تظهر لدى أغلب المرضى الذين يجرى لهم، لأي سبب من الأسباب، التصوير الطبقي المقطعي، علامات على وجود تكلسات في الشرايين السباتية (في العنق) وفي شرايين الفقرات (العمود الفقري).


وفي الحقيقة، فإنه غالبا ما يعتقد بفائدة المستويات العالية من الكالسيوم في الغذاء، لأنها ترتبط بانخفاض في ضغط الدم وبوزن أقل للجسم. لكن نتائج بعض الأبحاث كانت مثيرة للقلق، فقد رصدت بعض من الدراسات (وليس كلها)، زيادة في خطر حدوث النوبات القلبية بين النساء اللواتي يتناولن حبوب الكالسيوم.


ويجمع الباحثون المشاركون في 15 من التجارب العشوائية على تأثير حبوب الكالسيوم على مختلف المشكلات الصحية - كل بياناتهم حول المشكلات التي تظهر لدى 12 ألفا من المشاركين بحثا عن أي صلة بينها.


التكلس الوعائي في الصدر




يشيع رصد التكلسات في شرايين الثدي أثناء التصوير بأشعة الثدي، إلا أن وجودها لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.


ولكن هل تعتبر علامة على ظهور التكلسات الأخرى في الشرايين الأخرى، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب؟ يظهر أن النساء اللواتي لديهن تكلسات في شرايين الثدي لديهن خطر أعلى للإصابة بأمراض القلب، إلا أن باحثين في جامعة كونيكتيكت أشاروا إلى أن وجود التكلسات في شرايين الثدي لا يتنبأ بظهور أمراض القلب.
وبدلا من ذلك، يبدو أن الهرم والشيخوخة هي السبب الشائع لظهور هذه التكلسات، وحدوث أمراض القلب.




حصى الكلى


الكليتان عضوان جوهريان في التحكم في توازن الكالسيوم. وترشح الكليتان نحو 10 غرامات من الكالسيوم يوميا، 1.5 في المائة منها تلفظ خارجا بينما يعاد امتصاص البقية.


وتظهر حصى الكلى عندما تنفصل البلورات عن السائل في البول، مشكّلة كتلة صلبة. ونوع الحصى الأكثر شيوعا هو حصى أوكساليت الكالسيوم (calcium oxalate).


ووفقا لدراسة من جامعة هارفارد، فإن الأشخاص الأكثر تعرضا لحدوث حصى الكلى يلفظون مع البول كمية أكبر بمقدار الثلث من الكالسيوم الذي يتناولونه، مقارنة بالأشخاص الآخرين الذين ليس لديهم حصى في الكلى.


ربما لأنهم يقومون بامتصاص كميات أكبر من الكالسيوم الغذائي ولذا فإنهم يلفظون كمية أكبر منه، أو ربما لأنهم يفقدون الكالسيوم من أجسامهم، الأمر الذي يزيد من خطر قلة كثافة العظم لديهم إضافة إلى وجود حصى الكلى.


وعندما تظهر حصى الكلى، تظهر مستويات أعلى من الكالسيوم في البول، وقد يوصف للمرضى واحد من مدرات البول من نوع الثايازايد (thiazide diuretic) يساعد على الحفاظ على الكالسيوم في العظام ويقلل من وصوله إلى البول.


وإن كانت هناك مستويات عالية من الكالسيوم في الدم وكذلك في البول في آن واحد، فقد يجرى اختبار لفرط نشاط الغدد الجار درقية، وهو الاضطراب الذي يؤدي إلى الإخلال بتنظيم الكالسيوم، ويزيد من خطر حدوث حصى الكلى.




هل هناك علاقة بين حدوث هذه التكلسات، وتناول الكالسيوم؟


يدور الكثير من النصائح، سواء على مواقع الإنترنت، أو من بعض الأطباء، حول تقليل المصابين بحصى الكلى لكميات الكالسيوم المتناولة وذلك درءا لتكرار تكون الحصى لديهم.


إلا أن دراسة لجامعة هارفارد أكدت أن الكالسيوم الغذائي يبدو في الواقع كأنه يقلل من تكوّن الحصى. فقد أفاد باحثون بكلية الطب في هارفارد بأن النساء اللواتي اتبعن نظام تغذية (DASH) - وهو نظام غني بالكالسيوم يعرف عنه تخفيضه لضغط الدم - انخفض لديهن احتمال حدوث حصى الكلى بنسبة 40 في المائة.


ويقول الدكتور إريك تايلور أحد الباحثين: «لقد بهرتنا النتائج حول تأثير نظام (DASH) الغذائي حقا، بوصفه علاجا لحصى الكلى».


ويتمتع الكالسيوم الغذائي بهذا التأثير، لأنه يرتبط مع حامض الأوكساليك (الذي يوجد في السبانخ، الشاي، الشوكولاته، والأغذية النباتية الأخرى) ويمنع امتصاصه في الأمعاء الدقيقة. وهذا ما يؤدي إلى تقليل تعامل الكلى مع حامض الأوكساليك وإلى احتمال أضعف لتكون أوكساليت الكالسيوم في الكلى.


الكالسيوم في المفاصل يحتوي السائل المزلق (synovial fluid) داخل المفاصل على الكالسيوم، كما تحتوي بطانة الغضاريف في المفاصل أيضا عليه.


وعندما يتبلور ذلك الكالسيوم، فإن فصوصه الصغيرة الناتجة، تحتك بسطح المفصل وتصيبه بالبلى، مؤدية إلى إفراز إنزيمات تقوم بتعجيل تفكيك الغضروف.


وقد عثر على البلورات الحاوية للكالسيوم في 60 في المائة من مفاصل الركبة التي أخضعت لعمليات استبدال جراحية بسبب إصابتها بالتهاب المفاصل العظمي.


كما يمكن للكالسيوم التراكم في الأربطة - وخصوصا في موضع دوران الكتف - الأمر الذي يؤدي إلى حالة تسمى تكلس أوتار (أربطة) الكتف (calcific tendonitis).


ويبدو أن التراكم يظهر في مواقع الأنسجة التي تعرضت للضرر أو وقعت فيها تغيرات خليوية، رغم أنه ليس من الضروري أن تكون قد تعرضت لضربات أو صدمات أو لاستخدام غير طبيعي زائد على الحد.


وتعتمد تأثيرات الحالة على عدد، موقع، وحجم التكلسات. ففي بعض الأحيان، لا تقود التكلسات إلى ظهور أي أعراض، إلا أنها قد تصبح ملتهبة في أحيان أخرى، مسببة آلاما شديدة في الكتف وإعاقة في نطاق حركته.


ويعالج الألم الناجم عن تكلس أربطة الكتف بأدوية مضادة للالتهاب، وبالحرارة المرطبة، وقطع الثلج، والعلاج الطبيعي لضمان حركته.


وبخلاف التكلسات التي تحصل في بقية أنحاء الجسم، يمكن تفكيك ترسبات الكالسيوم في الأربطة أحيانا باستخدام الإبر أو جراحيا (الجراحة المجهرية أو المفتوحة).


هل هناك علاقة بين حدوث هذه التكلسات وتناول الكالسيوم؟


في ما عدا حالات نادرة من اضطراب التمثيل الغذائي (الأيض) التي تؤدي إلى رفع مستوى الكالسيوم في الدم - فإن تكلس المفاصل والأربطة هو عملية موضعية لا تتأثر بالكميات المتناولة من الكالسيوم.


الأسئلة الموجهة إلينا حول الكالسيوم، تتوالى أكثر من الأسئلة حول أي عنصر غذائي آخر، ويحمل الكثير منها مشاعر الخيبة، فمن جهة يقال إن تناول حبوب الكالسيوم يدرأ حدوث هشاشة العظام ويقلل حدوث الكسور.


ومن جهة أخرى فإن المعلومات التي تشكك في فائدة الكالسيوم تتوالى، وحتى إن قسما منها يفترض أن المقادير الكبيرة منه ضارة.
ثم إن أضفت إلى ذلك التساؤلات حول امتصاص الكالسيوم ونوع مكملاته (حبوبه) التي ينبغي تناولها، فإن كيس الرسائل الواردة سيعاني من الامتلاء


وإليكم بعض تلك الأسئلة المتكررة، وأجوبتنا عنها


ما هي مقادير الكالسيوم التي ينبغي علي تناولها؟


إن التوصيات الرسمية هي 1000 ملليغرام (ملغم) يوميا للبالغين بين أعمار 19 و50 سنة، و1200 ملغم للذين تجاوزت أعمارهم نصف قرن، وتشمل هذه المقادير الكالسيوم المتناول من كل مصادره: منتجات الألبان، أنواع الأغذية والمشروبات الأخرى، ومكملات (حبوب) الكالسيوم.


إلا أن هناك وجهة نظر مناقضة تقول إن تناول مقادير بين 600 و1000 ملغم من الكالسيوم كاف بل وصحي أكثر.


والدكتور والتر سي ويليت، رئيس كلية الصحة العامة في جامعة هارفارد، وعضو هيئة تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، هو واحد من مناصري وجهة النظر هذه.


ما هي مقادير الكالسيوم التي أحصل عليها، من دون اللجوء لمكملاته؟


الغذاء الجيد المعقول الذي يحتوي على بعض الفواكه والخضراوات يقدم نحو 200 إلى 300 ملغم من الكالسيوم يوميا، من دون تناول منتجات الألبان. ويضيف تناول كوب من الحليب 300 ملغم أخرى، بينما تضيف أي حصة من منتجات الألبان 150 ملغم أو أكثر من الكالسيوم (وعلى المولعين بالأجبان تناول الأنواع الصلبة منها لاحتوائها على كالسيوم أكثر).


وهكذا فإن الغذاء الجيد، مع حصص من الحليب ومنتجات الألبان، يوصلك إلى مستوى بين 600 و800 ملغم يوميا.


وماذا عن مكملات الكالسيوم، وأي نوع ينبغي علي تناوله؟


إنك تفترض مسبقا أن عليك أن تتناول مكملات (حبوب) الكالسيوم، وتصنع غالبية مكملات الكالسيوم من كربونات الكالسيوم أو سترات الكالسيوم، وكربونات الكالسيوم تحتاج إلى إفرازات لأحماض المعدة لكي يتم امتصاصها.


ولذا فإن كانت هي مصدر الكالسيوم في المكملات التي تتناولها (عليك بقراءة تعليمات النشرة المرفقة ومن ضمنها تلك المطبوعة بحروف صغيرة جدا)، فإن من الأفضل تناولها بعد وجبة الطعام.


أما سترات الكالسيوم فإنها لا تتطلب وجود أحماض المعدة، ولذا يمكن تناولها في أي وقت.


والأشخاص الذين يتناولون الأدوية المخفضة لأحماض المعدة، مثل مثبطات مضخة البروتون proton) ـ (pump inhibitors («بريفاسيد» Prevacid، «بريلوسيك» Prilosec)، أو حاصرات إتش2 (H2 blockers) («تاغاميت» Tagamet، «زانتاك» Zantac).. عليهم تناول سترات الكالسيوم لأن انخفاض كميات أحماض المعدة لديهم يقود إلى سوء امتصاص كربونات الكالسيوم.


إلا أن الميزة الكبرى لكربونات الكالسيوم مقارنة بسترات الكالسيوم هي أنها تحتوي على ضعف مقدار الكالسيوم.


وعلى الرغم من أن الملصقات على قناني المكملات تشير أحيانا إلى أن الحبوب الموجودة فيها تحتوي على جرعة الكالسيوم نفسها، بجرعة 500 أو 600 ملغم، فإن المقدار من حبوب السترات هو ضعف المقدار من حبوب الكربونات.


ويستطيع الجسم امتصاص جرعة من 500 أو 600 ملغم من الكالسيوم، وإن زادت الجرعة أكثر إلى 1000 ملغم فإن النتيجة ستكون مماثلة لتناول 500 أو 600 ملغم.




هل يمنع الكالسيوم حدوث الكسور؟


هنا يكمن بيت القصيد، إذ إن منع حدوث الكسور هو السبب الرئيسي الذي تدور حوله مسألة تناول الكالسيوم.


إن تناول الكالسيوم بمقادير كبيرة يقود إلى رفع مستوى الكالسيوم في الدم، ويؤدي هذا المستوى العالي إلى منع إفراز الهرمون الجار درقي parathyroid hormone، وهو الهرمون الذي يحفز على عمليات تحلل العظام، وهي عملية تكسير أنسجة العظام التي تقود إلى تحرير كميات من الكالسيوم نحو الدم.


أما إن كان مستوى الكالسيوم قليلا في الدم، فإن تحلل العظام يساعد على رفعه إلى مستواه الاعتيادي، ولكن وفي هذه الحالة، فإن العظام تغدو ضعيفة، وتتعرض في الغالب للكسر.


ومن الناحية النظرية فإن الحفاظ على مستوى عال من الكالسيوم في الدم، يدرأ وقوع تلك السلسلة من الأحداث.


ولكن، وفي عدد من الدراسات الوبائية، ومنها دراسات أجريت في جامعة هارفارد، لم تقل حوادث كسر العظام لدى الأشخاص الذين كانوا يتناولون مقادير كبيرة من الكالسيوم مقارنة بآخرين كانوا يتناولون مقادير أقل منه.


إلا أن التجارب العشوائية التي أجريت فيها مقارنات مباشرة بين الكالسيوم والحبوب الوهمية، أظهرت نوعا من التحسن في كثافة العظام، على الرغم من أنها لم تظهر ما فيه الكفاية من التحسن في ما يتعلق بكسر العظام.


إذن، لماذا هذه العلاقة المتذبذبة بين ما هو متوقع من فوائد الكالسيوم وبين نتائج التجارب حولها؟


أحد التفسيرات المحتملة هو أن هناك، على المدى البعيد، عوامل أخرى ـ قوة العضلات، التوازن، النشاط البدني، تناول فيتامين «دي» ـ تكون ذات وزن أكبر، مقارنة بتناول الكالسيوم، في تقليل خطر التعرض لكسر العظام.


وهناك خلافات حول أهمية هذه الدلائل السلبية، ولم تكن كل نتائج الاختبارات سلبية، ففي دراسة مهمة ظهر أن النساء اللواتي تناولن باستمرار حبوب الكالسيوم معا مع 400 وحدة دولية من فيتامين «دي» قل لديهن فعلا كسر عظم الحوض، كما أنه، وعلى الرغم من المناقشات الجارية، فإن التوصية الرسمية لا تزال تتمثل في تناول 1000 إلى 1200 ملغم من الكالسيوم.


ولكن، يظل من السليم القول حاليا إنه توجد الآن بعض الشكوك حول ما إذا كان تناول المقادير العالية من الكالسيوم هو الأفضل لدرء كسور العظام.


الغذاء أم الحبوب


أكدت الدراسات مرارا وتكرارا أن من الأفضل لنا أن نتناول غالبية العناصر الغذائية من الغذاء بدلا من المكملات (الحبوب)، إلا أن الأمر هو أكثر تعقيدا بالنسبة للكالسيوم، ففي حالات كثيرة تكون منتجات الألبان، خصوصا الحليب، مصادر مثلى له، إذ إن مقدار الكالسيوم فيها كثير ويسهل امتصاصه.


إلا أن وجود منتجات الألبان في الطعام يعني دخول الدهون المشبعة فيه، وهي الدهون التي تؤدي زيادة تناولها إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، ثم وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض الدراسات تفترض أن منتجات الألبان نفسها تزيد من حدوث بعض أنواع السرطان.


وطبيعي أن يلجأ الناس إلى استبعاد الدهون المشبعة بتناول منتجات الألبان الخالية الدسم، إلا أن الكثيرين لا يميلون إلى طعمها.


وبعض الخضراوات هي مصدر جيد للكالسيوم، إلا أن السبانخ ونبات «التشارد» (chard)، وغيرهما، تحتوي جميعا على الأوكسيلات التي يقود وجودها إلى التداخل مع عملية امتصاص الكالسيوم (انظر السؤال الخاص بحصى الكلية).


إلا أن هذه التحفظات غير مهمة لأن الغذاء هو الطريقة المفضلة للحصول على العناصر الغذائية ومنها الكالسيوم.


وأفضل خيارات الغذاء للحصول عليه هي منتجات الألبان (بكميات محدودة)، وبعض أنواع السمك (السلمون والسردين المعلبين) والخضروات (الخضروات الملفوفة).


وتختلف الحاجة إلى تناول حبوب الكالسيوم وفقا لنوع غذائك، أو لحاجتك إلى الوصول إلى مقاديره حسب التوصيات الرسمية.


يحتوي الكثير من حبوب الكالسيوم على فيتامين «دي». ما تأثير ذلك؟


ربما يؤثر ذلك. ففيتامين «دي» يساعد على امتصاص الكالسيوم (وكذلك الفوسفور)، إلا أن دلائل الاختبارات على توليفة من الكالسيوم مع فيتامين «دي» تقدم نتائج مختلطة.


وقد يعود جزء من هذه المشكلة إلى جرعة فيتامين «دي» نفسها، فقد استخدمت عدة دراسات مهمة جرعة 400 وحدة دولية منه، وربما يؤدي تناول ضعف هذه الجرعة إلى إحداث تأثير ما على صحة العظام.
وغالبية حبوب الكالسيوم المنتجة حاليا تحتوي على جرعات بين 200 و400 وحدة دولية من فيتامين «دي».


ويبدو أن فيتامين «دي» يمتلك جوانب متعددة من الفوائد، في وقت لا تمتلك فيه أجسام الكثير منا كميات كافية منه، غالبا بسبب قلة الخروج إلى الهواء الطلق، إذ إن التعرض لأشعة الشمس يولد النوع النشيط من الفيتامين، ولذلك فإنه يسمى «فيتامين الشمس».


وهناك مدرسة علمية تقول إننا نحتاج إلى تناول 1000 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوميا.


ما هي قصة الكالسيوم والسرطان؟


الأخبار الجيدة هي أن الدراسات قد أظهرت باستمرار أن الأشخاص الذين يتناولون مقادير عالية من الكالسيوم والكثير من منتجات الألبان في غذائهم، هم أقل تعرضا للإصابة بسرطان القولون.


إلا أن نتائج دراسات أخرى تبدو أقل توكيدا في ما يتعلق بتأثيرات الكالسيوم الواقية من سرطاني الرئة والثدي.


أما الأخبار السيئة فهي أن عددا من الدراسات ربطت تناول الكالسيوم ومنتجات الألبان مع حدوث سرطان المبيض والمراحل المتقدمة من سرطان البروستاتا.


وعلى جانبي الأخبار الجيدة والسيئة، تظل هذه النتائج مفترضة وليست نهائية، وأمامها طريق طويل لكي تكون حاسمة.


هل يتسبب تناول مقادير كبيرة من الكالسيوم في حدوث حصوات الكلى؟


تتكون حصوات الكلى من الكالسيوم في 80 في المائة من الحالات، ولذلك ومن الناحية الظاهرية فإن من المعقول أن يكون تناول الكالسيوم عاملا محتملا لحدوث حصوات الكلية.


إلا أن الدراسات التي يعود تاريخها إلى التسعينات من القرن الماضي أظهرت العكس تماما: فالكالسيوم بمقادير عالية لا يتسبب في الغالب في حدوث حصوات الكلى، إن جرى تناوله عن طريق الغذاء.


وأحد التفسيرات المحتملة هنا هو أن الكالسيوم يعوق امتصاص الأوكسيلات، وهي جزئية غالبا ما تختلط مع الكالسيوم لإحداث حصوات الكلى.


وتوجد الأوكسيلات في الكثير من الأغذية النباتية ومنها بعض أنواع العنبيات، السبانخ، المكسرات، وبعض محاصيل الحبوب.


وقد وجدت عدة دراسات أن حبوب الكالسيوم، بخلاف الكالسيوم المتناول من الغذاء، ترتبط بحدوث زيادة طفيفة في خطر تكون حصوات الكلى.


وافترض الباحثون أنه إذا تناول الأشخاص حبوب الكالسيوم بشكل منفصل عن وجبات طعامهم، أو مع وجبة واحدة يوميا (أثناء وجبة الإفطار عادة)، فإن الكالسيوم ينتفي من الأمعاء خلال وقت طويل، ولهذا فإنه لا يقوم بمهمة إعاقة امتصاص الأوكسيلات.


هل يؤدي تناول حبوب الكالسيوم إلى تراكمه في الشرايين؟


تظهر صور الأشعة المقطعية كميات مترسبة من الكالسيوم على ترسبات جدران الشرايين، ولذلك تولدت بعض المخاوف من أن تناول مقادير عالية من الكالسيوم ربما «يغذي» تلك الترسبات، إلا أن كميات الكالسيوم المترسبة هي نتيجة لعملية التهابية تقود إلى حدوث تصلب الشرايين، وهي على الأكثر لا تمت بصلة إلى مستوى الكالسيوم في الدم.


والطريقة التي يمكن فيها تجنب حدوث ترسبات الكالسيوم في الشرايين، هي تقليل حدة تصلب الشرايين إلى أقل درجة، وهذا يعني ممارسة التمارين الرياضية، والابتعاد عن التدخين، والتحكم بضغط الدم، وبسكر الدم، ومستوى الكولسترول.


وقد سببت نتائج دراسة نيوزيلندية نشرت عام 2008 بعض الضيق، إذ أظهرت أن النساء اللواتي تناولن الكالسيوم (1000 وحدة دولية من سترات الكالسيوم يوميا)، كن أكثر، وليس أقل، تعرضا للنوبة القلبية، وإلى أمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى، مقارنة بالنساء اللواتي تناولن الحبوب الوهمية.


ولكن، وحسبما لاحظ الباحثون، فإن تلك النتائج كانت أولية، تتطلب دراسات لاحقة حول علاقة تناول الكالسيوم مع أمراض القلب والأوعية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Bookmark and Share

أقسام المدونة

2015 (1) أبراج (44) اتصالات (113) أحياء (1) اخبار (136) اخطاء (1) ادسنس (2) ادعيه (7) أزواق (1) إستخراج (1) إسرائيل (7) اسرار (1) أعشاب (19) أعياد (1) أغانى (7) أفريقيا (1) أفكار (2) أفلام (4) إقتصاد (19) الأردن (2) الأرض (12) الاسره (1) الأطفال (33) الإلكترونيه (3) الألوان (1) الأنبياء (1) البحرين (1) البشرة الدهنيه (1) البيئة (14) الترتيب (1) الجزائر (2) الجن (1) الربح (7) الرجل (40) الرسول (12) الزواج وأنواعه (31) السعوديه (10) الشبكة (9) الشعر (30) الشمس (6) الشوربات (19) الشيطان (2) الصيف (1) الصين (2) ألعاب (3) العالم (19) العراق (3) العنكبوتيه (1) الفراسه (6) القمر (4) القنوات الأجنبية (3) الكويت (1) الله (20) ألمانيا (2) المرأه (96) المغرب (2) المنصورة (2) الهجرة (7) الهند (2) الهيدروجين (1) أمثال (1) أمراض_الجسم​ (1) أمريكا (10) إنجلترا (1) أوراكل (4) أوروبا (1) إيران (2) إيميلات (5) باكستان (1) بترول (1) بحث (4) برامج (29) برمجة (6) بريطانيا (2) بسكلته (5) بشرتك (10) بطاقات (1) بناء (1) بنوك (2) بورصة (23) تاريخ (45) تحب (3) تحضير (1) تخسيس​ (1) ترددات (15) تركيا (1) تركيب (1) تساقط (8) تطوير المواقع (29) تعريفات (16) تعليم (43) تفاحة​ (1) تفاحة_فى_اليوم​ (1) تكنولوجيا (44) تلوث (3) توقعات (12) تونس (1) تونس. سفارات (1) ثورة (1) جمال (4) جوال (1) جوجل (19) حذف الباتش (1) حساسية (2) حشرات (1) حقائق (1) حقيقه ام خيال (23) حقيقه_وخيال​ (1) حكم (1) حيوانات (5) خضروات (8) خلق (2) دبى (2) دليل (2) دورات أمن المعلومات (19) دورة (4) ديكور (1) دين (120) ذهب (2) رسائل (1) رمز (1) رمضان (9) روسيا (3) رياضه (14) زراعه (9) زيادة (1) سامسونج (1) سفارات (5) سلامة (1) سندوتشات (2) سوريا (1) سويسرا (1) سيارة (6) شخصيات (64) شخصيتك (18) شركات (32) شعر (5) شمس (3) صحتك (289) صلصه (5) صناعة (1) صور (11) طائرات (2) طاقة (3) طاقه المستقبل (1) طاقه حره (2) طب (1) طب_ولا_عك​ (1) طيور (18) عسكرى (25) عسل (1) علاج (70) علم البصريات (6) علماء (1) علوم (18) عيد (1) عيون (17) غاز (2) فتاوى (1) فرنسا (2) فضاء (16) فلسطين (12) فلك (12) فليسطين (3) فوائد (10) فواكة (8) فواكة_وخضروات​ (1) فودافون (4) فوركس (3) فيديو (9) فيس بوك (2) قاعدة البيانات (2) قتال (6) قصص (12) قطر (4) قمر العربسات (2) قيام الليل (1) كاريكتير (3) كتب (12) كربوهيردات​ (1) كمال اجسام (1) كمبيوتر (84) كوبا (1) كوريا (1) كيتو​ (1) كيمياء (23) لغة (1) لهجات (1) ليبيا (1) لينكس (2) مجموعة (1) محرك (4) مسجات (1) مشروعات (4) مصر (111) مطبخك (214) معادن (1) معلومات (29) مقاتلات (1) مقالات (31) مكونات (2) منتجات زراعيه (1) مهارات (1) مواقع (61) موبايل (1) موضه (2) مياه (4) نشيد (1) نصائح (8) نظم (6) نكت (8) نوكيا (15) هندسه (5) هواتف (54) وصايا (1) وظائف (9) ويندوز (3) يوتيوب (5) AdSense (4) AdWords (1) call center (2) ebay (2) Egypt (1) HSPA (2) ORACLE (2) qmax (1) search (1) seo (3) Wikipedia (2)

 
;