الدكتور شاهين عالم فيزيائي مشهور استولت عليه فكرة تحويل جسده إلى موجات لاسلكية يمكن نقلها عبر الأثير .. وحين تصل تلك الموجات إلى المكان المرغوب تتحول مجدداً إلى جسد مادي من لحم ودم !!!
هذه باختصار فكرة رواية "رجل تحت الصفر" للدكتور مصطفى محمود .. وهي تنتهي بنجاح الدكتور شاهين في الهروب من سجنه والتحول لأمواج لاسلكية بواسطة جهاز لا يعلم سره إلا هو .. ولكنه قبل "تلاشيه" يترك رسالة لأهل الأرض يطلب فيها ممن يريد متابعته ـ بشكله الموجي ـ بأن يتحول بتلفازه إلى الموجة 979.333 ميكروسيكل .. وفي اللحظة الحاسمة تدير تلفزيونات العالم على تلك الموجة وتستمع للدكتور شاهين وهو يخرج من المجموعة الشمسية ويسبح في أعماق الفضاء واصفاً النجوم والمجرات حتى يصل إلى مسافات لا يمكن بعدها التقاط ذبذبته فيختفي إلى الأبد !!
* وفكرة تحويل الجسد إلى موجات كهرومغناطيسية ما تزال في مرحلة الفرضية ولم تتحقق إلا في أفلام الخيال العلمي .. ففي مسلسل سفينة النجوم أو (ستار ترك) ينتقل الملاحون إلى كوكب الهبوط بواسطة الأثير ـ ويعودون بنفس الطريقة ، ويتم ذلك بمجرد دخولهم في كبسولة زجاجية تحول أجسادهم إلى جسيمات ذرية تنتقل عبر الأمواج اللاسلكية ثم يعاد "ترسيبسها" في مكان الوصول !!
أيضاً هناك فيلم يدعى "الذبابة" ينجح فيه أحد العلماء في نقل جسده من كبسولة لأخرى عبر الأثير .. وحين يحاول تطبيق فكرته دخلت معه بالصدفة ذبابة فتحولت بدورها إلى جسيمات ذرية دقيقة.. ثم في مرحلة الترسيب وإعادة التركيب (في الكبسولة الأخرى) اختلطت ذراتها بذراته واندمجت خلاياها بخلاياه فتحول إلى رجل هجين بين الإنسان والذبابة !
* وكما هو مفهوم فإن وسائل الاتصالات والمواصلات ظلت دائماً المظهر الأبرز للتقدم العلمي في العصر الحديث .. بمعنى أن أجهزة اتصالات مثل (التلفون واللاسلكي والفاكس والانترنت) وكذلك وسائل مواصلات مثل (السيارة والطيارة والقطار) هي السمة التي ميزت هذا العصر عن غيره وهي الفرق الواضح بين المجتمع المتقدم والمتخلف .. ولكن من الملاحظ أن الإنسان استطاع تطويع الأمواج الكهرومغناطيسية لنقل صوته (بواسطة الهاتف واللاسلكي) وصورته (بواسطة التلفاز والأٍقمار الصناعية) ورسائله (بواسطة الفاكس والمودم) ولكنه لم يستطع أبداً نقل ذاته عبر تلك الأمواج ـ كما فعل الدكتور شاهين!!
* والعقبة الحقيقية تكمن في أن الجسيمات الذرية (في كل المواد) تنتقل من مكان إلى آخر بسرعة خرافية بحيث يصعب حتى تحديد مكانها .. ومثل هذه الصفة تجعل من المستحيل اصطيادها أو التعامل معها فضلاً عن نقلها (لاسلكياً) ثم إعادة ترسيبها في مكان آخر !!
ورغم ذلك ما يزال هناك من يعتقد بامكانية "اصطياد" الجسيمات الذرية ذات يوم و"تحميلها" على موجات كهرومغناطيسية وبالتالي نقل المواد عبر الأثير.
وإن لم تخني الذاكرة فإن أول مؤتمر علمي ناقش هذه الظاهرة انعقد في مونتريال بكندا (في سبتمبر أو ديسمبر 94).. وقد ناقش المؤتمرون احتمالات تطبيق هذه الفكرة واتفقوا على تسميتها "تليبورت" ـ على سياق "تليفزيون" و"تليفون" وكل جهاز يعمل عن بعد ويبدأ بالمقطع (تلي) !!
* ولكنني شخصياً أرى أن فكرة التليبورت مستحيلة التحقيق فيما يخص الإنسان .. فالمتحمسون لهذه الفكرة يتجاهلون أن الإنسان يتكون من جسد وروح، فإن أفلحنا في نقل الجسد المادي عبر الأثير فكيف نضمن عدم ترسبه في الطرف الآخر بدون روح !!؟
إن تحويل الجسد إلى جسيمات ذرية (تمهيداً لنقلها عبر الأثير) يعني ببساطة تدميره والوصول به إلى مرحلة الوفاة .. وإن كان هذا هو (التليبورت) فأنا شخصياً أضمن لك التنزه بين النجوم والوصول للأعالي خلال دقائق !!
0 التعليقات:
إرسال تعليق